لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
خپرندوی
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
۱۴۰۲ ه.ق
د خپرونکي ځای
دمشق
ژانرونه
عقائد او مذهبونه
إِشَارَةٌ إِلَى إِثْبَاتٍ.
إِذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَالِاسْتِوَاءُ صِفَةٌ كَانَتْ لَهُ ﷾ فِي قِدَمِهِ لَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ حُكْمُهَا إِلَّا بَعْدَ خَلْقِ الْعَرْشِ، كَمَا أَنَّ الْحِسَابَ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ لَا يَظْهَرُ حُكْمُهَا إِلَّا فِي الْآخِرَةِ. وَكَذَلِكَ التَّجَلِّي فِي الْآخِرَةِ لَا يَظْهَرُ حُكْمُهُ إِلَّا فِي مَحَلِّهِ، قَالَ: فَإِذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَالْأَمْرُ الَّذِي تَهْرَبُ الْمُتَأَوِّلَةُ مِنْهُ حَيْثُ أَوَّلُوا الْفَوْقِيَّةَ بِفَوْقِيَّةِ الْمَرْتَبَةِ، وَالِاسْتِوَاءَ بِالِاسْتِيلَاءِ فَنَحْنُ أَشَدُّ النَّاسِ هَرَبًا مِنْ ذَلِكَ، وَتَنْزِيهًا لِلْبَارِي تَعَالَى عَنِ الْحَدِّ الَّذِي يَحْصُرُهُ فَلَا يُحَدُّ بِحَدٍّ يَحْصُرُهُ بَلْ بِحَدٍّ تَتَمَيَّزُ بِهِ عَظَمَةُ ذَاتِهِ عَنْ مَخْلُوقَاتِهِ، وَالْإِشَارَةُ إِلَى الْجِهَةِ إِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْكَوْنِ وَأَسْفَلِهِ إِذْ لَا يُمْكِنُ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ إِلَّا هَكَذَا، وَهُوَ فِي قُدْسِهِ سُبْحَانَهُ مُنَزَّهٌ عَنْ صِفَاتِهِ لَا يُمْكِنُهُ مَعْرِفَةُ بَارِئِهِ إِلَّا مِنْ فَوْقِهِ، فَتَقَعُ الْإِشَارَةُ إِلَى الْعَرْشِ حَقِيقَةً إِشَارَةً مَعْقُولَةً، وَتَنْتَهِي الْجِهَاتُ عِنْدَ الْعَرْشِ، وَيَبْقَى مَا وَرَاءَهُ لَا يُدْرِكُهُ الْعَقْلُ، وَلَا يُكَيِّفُهُ الْوَهْمُ، فَتَقَعُ الْإِشَارَةُ عَلَيْهِ كَمَا يَلِيقُ بِهِ مُجْمَلًا مُثْبَتًا لَا مُكَيَّفًا مُمَثَّلًا.
(قَالَ) فَإِذَا عَلِمْنَا ذَلِكَ وَاعْتَقَدْنَاهُ تَخَلَّصْنَا مِنْ شُبْهَةِ التَّأْوِيلِ وَعَمَاوَةِ التَّعْطِيلِ وَحَمَاقَةِ التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ، وَأَثْبَتْنَا عُلُوَّ رَبِّنَا، وَفَوْقِيَّتَهُ وَاسْتِوَاءَهُ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَالْحَقُّ وَاضِحٌ فِي ذَلِكَ، وَالصَّدْرُ يَنْشَرِحُ لَهُ فَإِنَّ التَّحْرِيفَ تَأْبَاهُ الْعُقُولُ الصَّحِيحَةُ، مِثْلُ تَحْرِيفِ الِاسْتِوَاءِ بِالِاسْتِيلَاءِ وَغَيْرِهِ، وَالْوُقُوفُ فِي ذَلِكَ جَهْلٌ وَغَيٌّ مَعَ كَوْنِ الرَّبِّ وَصَفَ نَفْسَهُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ لِنَعْرِفَهُ بِهَا فَوُقُوفُنَا عَنْ إِثْبَاتِهَا وَنَفْيِهَا عُدُولٌ عَنِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ فِي تَعْرِيفِنَا إِيَّاهَا، فَمَا وَصَفَ لَنَا نَفْسَهُ بِهَا إِلَّا لِنُثْبِتَ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ لَنَا، وَلَا نَقِفُ فِي ذَلِكَ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ التَّشْبِيهُ وَالتَّمْثِيلُ حَمَاقَةٌ وَجَهَالَةٌ فَمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِلْإِثْبَاتِ بِلَا تَحْرِيفٍ، وَلَا تَكْيِيفٍ، وَلَا وُقُوفٍ فَقَدْ وَقَعَ عَلَى الْأَمْرِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي كِتَابِهِ فِي الْعَرْشِ مَا حَاصِلُهُ: اخْتُلِفَ فِي الْعَرْشِ، هَلْ هُوَ كُرِّيٌّ كَالْأَفْلَاكِ مُحِيطًا بِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فَوْقَهَا وَلَيْسَ هُوَ كُرِّيًّا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَمِنَ الْمَعْلُومِ بِاتِّفَاقِ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ الْأَفْلَاكَ مُسْتَدِيرَةٌ كُرَيَّةُ الشَّكْلِ أَنَّ الْجِهَةَ الْعُلْيَا هِيَ جِهَةُ الْمُحِيطِ، هُوَ الْمُحَدَّدُ، وَأَنَّ الْجِهَةَ السُّفْلَى هِيَ الْمَرْكَزُ وَلَيْسَ لِلْأَفْلَاكِ إِلَّا جِهَتَانِ الْعُلُوُّ وَالسُّفْلُ فَقَطْ. وَأَمَّا الْجِهَاتُ السِّتُّ
1 / 211