لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
خپرندوی
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
۱۴۰۲ ه.ق
د خپرونکي ځای
دمشق
ژانرونه
عقائد او مذهبونه
وَالتَّصْدِيقِ، فَكَيْفَ يَحْسُنُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى الْمَرْءِ شَيْءٌ مِنْ لَوَازِمِ كَلَامِهِ، وَهُوَ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنْهُ بِقَصْدِهِ وَمَرَامِهِ.
فَإِنَّ أَهْلَ الْإِثْبَاتِ الْمُتَّبِعِينَ لِلْمَنْصُوصِ مِنَ الْأَخْبَارِ وَالْآيَاتِ، يُنَزِّهُونَ اللَّهَ تَعَالَى عَنِ التَّكْيِيفِ وَالْحَدِّ، وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ مَنْ وَصَفَهُ تَعَالَى بِالْجِسْمِ، أَوْ كَيَّفَ فَقَدَ زَاغَ وَأَلْحَدَ.
وَلِهَذَا قَالَ لَمَّا أَثْبَتَ لَهُ صِفَةَ الِاسْتِوَاءِ كَمَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ نُؤْمِنُ بِأَنَّهُ ﷿ اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ «مِنْ غَيْرٍ كَيْفٍ»، كَمَا رَوَى اللَّالْكَائِيُّ الْحَافِظُ فِي كِتَابِهِ (السُّنَّةِ) مِنْ طَرِيقِ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ أُمِّهِ خَيْرَةَ مَوْلَاةِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ ﵂، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥] الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ، وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدَعَةٌ، وَالْبَحْثُ عَنْهُ كُفْرٌ. وَهَذَا لَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ.
وَفِي لَفْظٍ آخَرَ قَالَتْ: الْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَالِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَالْإِقْرَارُ بِهِ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْجُحُودُ بِهِ كُفْرٌ.
وَرَوَى يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ أَبِيهِ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سُئِلَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ - الْمَشْهُورُ بِرَبِيعَةَ الرَّأْيِ، وَهُوَ شَيْخُ الْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ﵁ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥] كَيْفَ اسْتَوَى؟ قَالَ: الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَمِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ، وَعَلَى الرَّسُولِ الْبَلَاغُ، وَعَلَيْنَا التَّصْدِيقُ.
وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ ﵁ فَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِهِ «التَّمْهِيدِ» قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُؤْمِنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ الْإِمَامُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: اللَّهُ فِي السَّمَاءِ، وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ.
قَالَ: وَقِيلَ لِمَالِكٍ: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَقَالَ مَالِكٌ ﵀: اسْتِوَاؤُهُ مَعْلُومٌ، وَكَيْفِيَّتُهُ مَجْهُولَةٌ، وَسُؤَالُكَ عَنْ هَذَا بِدْعَةٌ، وَأَرَاكَ رَجُلَ سُوءٍ.
وَيُرْوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الِاسْتِوَاءِ، فَقَالَ: هَذَا مِنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ نُؤْمِنُ بِهِ، وَلَا
1 / 199