لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
خپرندوی
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
۱۴۰۲ ه.ق
د خپرونکي ځای
دمشق
ژانرونه
عقائد او مذهبونه
[الفائدة الثانية القول بالصرفة]
(الثَّانِيَةُ): مَا قَدْ أَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي قَوْلِي "
وَلَيْسَ فِي طَوْقِ الْوَرَى مِنْ أَصْلِهِ
إِلَخْ. . . " أَيْ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْبَشَرِ، وَلَا سَائِرِ الْخَلْقِ، وَلَا فِي أَصْلِ خِلْقَتِهِمْ وَجِبِلَّتِهِمُ الْقُدْرَةُ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ أَقْصَرِ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، فَإِنَّهُ مُعْجِزَةٌ فِي نَفْسِهِ فَلَيْسَ فِي وُسْعِ الْخَلْقِ وَلَا قُدْرَتِهِمْ عَلَى مُضَاهَاتِهِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ الْوَفَاءِ: وَكَانَ الْمُرْتَضَى الْعَلَوِيُّ يَقُولُ بِالصَّرْفَةِ - يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى صَرَفَ الْعَرَبَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ لَا أَنَّهُمْ عَجَزُوا.
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْوَفَاءِ بْنُ عَقِيلٍ: الصَّرْفُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ دَالٌّ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الْقُدْرَةَ حَاصِلَةً، قَالَ " وَإِنْ كَانَ فِي الصَّرْفِ نَوْعُ إِعْجَازٍ إِلَّا أَنَّ كَوْنَ الْقُرْآنِ فِي نَفْسِهِ مُمْتَنِعًا عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ لِمَعْنًى يَعُودُ عَلَيْهِ، آكَدُ فِي الدَّلَالَةِ، وَأَعْظَمُ لِفَضِيلَةِ الْقُرْآنِ.
قَالَ: " وَمَا قَوْلُ مَنْ قَالَ بِالصَّرْفَةِ إِلَّا بِمَثَابَةِ مَنْ قَالَ بِأَنَّ عُيُونَ النَّاظِرِينَ إِلَى عَصَا مُوسَى ﵇ خُيِّلَ لَهُمْ أَنَّهَا حَيَّةٌ وَثُعْبَانٌ، لَا أَنَّهَا فِي نَفْسِهَا انْقَلَبَتْ. قَالَ: فَالتَّحَدِّي لِلْمُصْرَفِ عَنِ الشَّيْءِ لَا يَحْسُنُ كَمَا لَا يَتَحَدَّى الْعَجَمُ بِالْعَرَبِيَّةِ " قَالَ الْحَافِظُ بْنُ الْجَوْزِيِّ ": وَأَنَا أَقُولُ إِنَّمَا يُصْرَفُونَ عَنِ الشَّيْءِ بِتَغَيُّرِ طِبَاعِهِمْ عِنْدَ نُزُولِهِمْ أَنْ يَقْدِرُوا عَلَى مِثْلِهِ، فَهَلْ وُجِدَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ قَبْلَ الصَّرْفَةِ مُنْذُ وُجِدَتِ الْعَرَبُ كَلَامًا يُقَارِبُهُ مَعَ اعْتِمَادِهِمْ عَلَى الْفَصَاحَةِ؟ فَالْقَوْلُ بِالصَّرْفَةِ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي (الْجَوَابِ الصَّحِيحِ): " كُلُّ مَا ذَكَرَهُ النَّاسُ مِنَ الْوُجُوهِ فِي إِعْجَازِ الْقُرْآنِ - حُجَّةٌ عَلَى إِعْجَازِهِ، وَلَا تَنَاقُصَ فِي ذَلِكَ، بَلْ كُلُّ قَوْمٍ تَنَبَّهُوا لِمَا تَنَبَّهُوا لَهُ، ثُمَّ قَالَ " وَمِنْ أَضْعَفِ الْأَقْوَالِ مَنْ يَقُولُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ إِنَّهُ مُعْجِزٌ بِصَرْفِ الدَّوَاعِي مَعَ قِيَامِ الْمُوجِبِ لَهَا، أَوْ بِسَلْبِ الْقُدْرَةِ الْجَازِمَةِ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى صَرَفَ قُلُوبَ الْأُمَمِ عَنْ مُعَارَضَتِهِ مَعَ قِيَامِ الْمُقْتَضَى التَّامِّ، أَوْ سَلْبِهِمُ الْقُدْرَةَ الْمُعْتَادَةَ فِي مِثْلِهِ سَلْبًا عَامًّا مِثْلَ قَوْلِهِ لِزَكَرِيَّا ﴿آيَتُكَ أَنْ لَا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا﴾ [مريم: ١٠]، فَإِنَّ هَذَا يُقَالُ عَلَى سَبِيلِ التَّقْدِيرِ وَالتَّنْزِيلِ، وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا قُدِّرَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يَقْدِرُ النَّاسُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ، فَامْتِنَاعُهُمْ جَمِيعُهُمْ عَنْ هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ - مَعَ قِيَامِ الدَّوَاعِي الْعَظِيمَةِ إِلَى الْمُعَارَضَةِ - مِنْ أَبْلَغِ الْآيَاتِ الْخَارِقَةِ لِلْعَادَةِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَقُولُ إِنِّي آخُذُ جَمِيعَ أَمْوَالِ أَهْلِ هَذِهِ الْبَلَدِ الْعَظِيمِ وَأَضْرِبُهُمْ جَمِيعَهُمْ وَأُجَوِّعُهُمْ، وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ يَشْتَكُوا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ، وَلَيْسَ فِيهِمْ مَعَ ذَلِكَ مَنْ
1 / 174