لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
خپرندوی
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
۱۴۰۲ ه.ق
د خپرونکي ځای
دمشق
ژانرونه
عقائد او مذهبونه
[فَصْلٌ فِي بَحْثِ أَسْمَائِهِ جَلَّ وَعَلَا]
[الْمُعْتَزِلَةَ وَمَنْ وَافَقَهُمْ وَاتَّبَعَهُمْ يُثْبِتُونَ لِلَّهِ تَعَالَى الْأَسْمَاءَ دُونَ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الصِّفَاتِ]
اعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ وَمَنْ وَافَقَهُمْ وَاتَّبَعَهُمْ يُثْبِتُونَ لِلَّهِ - تَعَالَى - الْأَسْمَاءَ دُونَ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الصِّفَاتِ، فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ الْعَلِيمَ وَالْقَدِيرَ، وَالسَّمِيعَ وَالْبَصِيرَ، كَالْأَعْلَامِ الْمَحْضَةِ الْمُتَرَادِفَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: عَلِيمٌ بِلَا عِلْمٍ، قَدِيرٌ بِلَا قُدْرَةٍ، سَمِيعٌ بِلَا سَمْعٍ، بَصِيرٌ بِلَا بَصَرٍ، فَأَثْبَتُوا الِاسْمَ دُونَ مَا تَضَمَّنَهُ مِنَ الصِّفَاتِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي رِسَالَتِهِ (التَّدْمُرِيَّةِ): وَالْكَلَامُ عَلَى فَسَادِ مَقَالَةِ هَؤُلَاءِ، وَبَيَانِ تَنَاقُضِهَا بِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ الْمُطَابِقِ لِصَحِيحِ الْمَنْقُولِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُسَفْسِطُونَ فِي الْعَقْلِيَّاتِ، وَيُقَرْمِطُونَ فِي السَّمْعِيَّاتِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَوْجُودٍ قَدِيمٍ غَنِيٍّ عَمَّا سِوَاهُ، إِذْ نَحْنُ نُشَاهِدُ حُدُوثَ الْمُحْدَثَاتِ، كَالْحَيَوَانِ وَالْمَعْدِنِ وَالنَّبَاتِ، وَالْحَادِثُ مُمْكِنٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا مُمْتَنِعٍ، وَقَدْ عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الْمُحْدَثَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُحْدِثٍ، وَالْمُمْكِنَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ وَاجِبٍ، كَمَا قَالَ - تَعَالَى: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ [الطور: ٣٥]، فَإِذَا لَمْ يَكُونُوا خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ خَالِقٍ، وَلَا هُمُ الْخَالِقُونَ لِأَنْفُسِهِمْ، تَعَيَّنَ أَنَّ (لَهُمْ) خَالِقًا خَلَقَهُمْ، وَإِذَا كَانَ مِنَ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ فِي الْوُجُودِ مَا هُوَ قَدِيمٌ وَاجِبٌ بِنَفْسِهِ، وَمَا هُوَ مُحْدَثٌ مُمْكِنٌ يَقْبَلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا مَوْجُودٌ وَهَذَا مَوْجُودٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنِ اتِّفَاقِهِمَا فِي مُسَمَّى الْوُجُودِ أَنْ يَكُونَ وُجُودُ هَذَا مِثْلَ وُجُودِ هَذَا، بَلْ وُجُودُ هَذَا يَخُصُّهُ، وَوُجُودُ هَذَا يَخُصُّهُ، وَاتِّفَاقُهُمَا فِي اسْمٍ عَامٍّ لَا يَقْتَضِي تَمَاثُلَهُمَا فِي مُسَمَّى ذَلِكَ الِاسْمِ عِنْدَ الْإِضَافَةِ وَالتَّقْيِيدِ وَالتَّخْصِيصِ وَلَا فِي غَيْرِهِ، فَلَا يَقُولُ عَاقِلٌ إِذَا قِيلَ إِنَّ الْعَرْشَ شَيْءٌ مَوْجُودٌ، وَإِنَّ الْبَعُوضَ شَيْءٌ مَوْجُودٌ، إِنَّ هَذَا مَثَّلَ هَذَا لِاتِّفَاقِهِمَا فِي مُسَمَّى الشَّيْءِ وَالْوُجُودِ، بَلِ الذِّهْنُ يَأْخُذُ مَعْنًى مُشْتَرِكًا كُلِّيًّا هُوَ مُسَمَّى الِاسْمِ الْمُطْلَقِ، وَإِذَا قِيلَ: هَذَا مَوْجُودٌ وَهَذَا مَوْجُودٌ، فَوُجُودُ كُلٍّ مِنْهُمَا يَخُصُّهُ لَا يُشْرِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ مَعَ أَنَّ الِاسْمَ حَقِيقَةٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلِهَذَا سَمَّى اللَّهُ - تَعَالَى - نَفْسَهُ بِأَسْمَاءٍ، وَسَمَّى صِفَاتِهِ بِأَسْمَاءٍ، وَكَانَتْ تِلْكَ الْأَسْمَاءُ مُخْتَصَّةً بِهِ إِذَا أُضِيفَتْ إِلَيْهِ، لَا يُشْرِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ، لِأَنَّهُ - سُبْحَانَهُ - الْقَدِيمُ، وَأَسْمَاؤُهُ قَدِيمَةٌ، وَصِفَاتُهُ قَدِيمَةٌ، فَإِذَا كَانَ الْمُخَاطَبُ مِمَّنْ يُنْكِرُ الصِّفَاتِ وَيُقِرُّ بِالْأَسْمَاءِ كَالْمُعْتَزِلِيِّ الَّذِي يَقُولُ
1 / 118