لطائف المعارف فیما لمواسم العام من الوظائف

Ibn Rajab al-Hanbali d. 795 AH
67

لطائف المعارف فیما لمواسم العام من الوظائف

لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف

پوهندوی

ياسين محمد السواس

خپرندوی

دار ابن كثير

د ایډیشن شمېره

الخامسة

د چاپ کال

۱۴۲۰ ه.ق

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

تصوف
بقيَّةَ ليلتِه ومن الغدِ، فدخَلُوا عليه فوجَدُوه ميتًا. قال بعضُ السَّلَف: ما من حَبْرَةٍ (^١) إلَّا يَتْبَعُها عَبْرَةٌ، وما كان ضَحِكٌ في الدُّنيا إلَّا كان بعدَه بكاءٌ. من عرفَ الدُّنيا حقَّ معرِفتها حَقَرَهَا وأبغضَها، كما قيلَ: أَمَا لو بيعَتِ الدُّنيا بِفَلْسٍ … أَنِفْتُ لِعَاقِلٍ أنْ يَشْتَرِيها ومَنْ عَرَفَ الآخِرَةَ وعظمتَها رَغِبَ فيها. عبادَ الله، هلُمُّوا إلى دارٍ لا يموتُ سكانُها، ولا يخرَبُ بنيانُها، ولا يهرَمُ شُبَّانُها (^٢)، ولا يتغيَّرُ حسنُها وإحسانُها، هواؤها النَّسيمُ، وماؤها التَّسنيمُ (^٣)، يتقلَّبُ أهلُها في رحمةِ أرحمِ الرَّاحمينَ، ويتمتَّعُون (^٤) بالنظر إلى وجهِه الكريمِ كلَّ حينٍ، ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (^٥). قال عونُ بن عبد الله بن عُتبَة: بنَى ملِكٌ ممن كان قبلكم (^٦) مدينةً، فتنوَّقَ (^٧) في بنيانها (^٨)، ثم صنَعَ طعامًا ودعا الناسَ إليه، وأقعدَ على أبوابها ناسًا يسألون كلَّ مَن خرَج: هل رأيتم عَيبًا (^٩)؟ فيقولون: لا، حتَّى جاء في آخرِ النَّاسِ قومٌ عليهم أكسِيةٌ (^١٠)، فسألوهم: هل رأيتم عيبًا؟ فقالوا: عَيبَيْن. فأدخَلُوهم على الملِكِ، فقال: هل رأيتم عيبًا؟ فقالوا: عيبَين، قال: وما هما؟ قالوا: تَخْرَبُ، ويموتُ صاحبُها. قال: فتعلمونَ دارًا لا تخرَبُ ولا يموتُ صاحبُها؟ قالوا: نعم، [دار الجنَّةِ] (^١١)، فدعُوه فاستجابَ لهم وانخلَع (^١٢) من مُلْكِهِ وتعبَّدَ معهم. فحدَّثَ عونٌ بهذا الحديثِ عمرَ بن عبد العزيز، فوقَعَ منه موقعًا، حتَّى هَمَّ أن يخلَعَ نفسَهُ مِن الملكِ، فأتاه ابنُ عمِّه مَسْلمة، فقال: اتَّقِ الله يا أميرَ المؤمنين في أمَّةِ محمدٍ، فوالله لئن فعلْتَ لَيَقْتَتِلُنَّ

(^١) الحَبْرَةُ: السرور. والعَبْرَةُ: الدَّمْعَةُ والحزن. (^٢) في ش، ط: "شبابها". (^٣) التَّسنيم: عَيْنٌ في الجنَّة. (^٤) في ع: "ويتنغَّمون". (^٥) سورة يونس الآية ١٠. (^٦) في ش، ب، ط: "قبلنا". (^٧) في هامش ع عن نسخة: "فتأنَّق". وتنوَّقَ في بنيانها: أي تأنَّق، وبالغ في تجويدها. (^٨) في ع، ب، ط: "في بنائها". (^٩) في آ: "عيبًا فيها". (^١٠) عليهم أكسية: أي ما يلبسه الزهاد والعابدون من ثياب خشنة. (^١١) ما بين قوسين زيادة من (ع). (^١٢) في آ: "عن ملكه".

1 / 74