لطائف المعارف فیما لمواسم العام من الوظائف
لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف
ایډیټر
ياسين محمد السواس
خپرندوی
دار ابن كثير
شمېره چاپونه
الخامسة
د چاپ کال
۱۴۲۰ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
تصوف
والكَسْب المحرَّم؛ فإذا منعه الصِّيامُ من هذه المحرَّمات كلِّها، فإنه يشفَعُ له عند الله يوم القيامة، ويقول: يا ربّ! منعتُه شهواتِه، فشفِّعْني فيه. فهذا لمن حفظ صِيامَه، ومنَعَه من شهواتِهِ.
فأمَّا مَن ضيَّع صِيامَهُ ولم يمنعْه ممَّا حرَّمه الله عليه، فإنَّه جديرٌ أن يُضربَ به وجهُ صاحبِه؛ ويقولُ له: ضيَّعكَ الله كما ضيعتني. كما ورد مثلُ ذلك في الصَّلاة. قال بعضُ السَّلف: إذا احتضر المؤمن، يقال للملَكِ: شُمَّ رأسَهُ. قال: أجِدُ في رأسه القرآن. فيقال: شُمَّ قلبَه. فيقول: أجِدُ في قلبه الصِّيام، فيقال: شُمَّ قدَمَيْهِ، فيقول: أجِدُ في قدمَيْه القيامَ. فيقال: حَفِظَ نفْسَه حفِظَه اللهُ ﷿.
وكذلك القرآن إنما يشفَعُ لمن منعه من النوم بالليل، فإن مَن قرأ القرآنَ وقام به، فقد قام بحقِّه فيشفَعُ له.
وقد ذكر النبي ﷺ رجلًا، فقال: "ذاك لا يتوسَّدُ القرآن" (^١). يعني لا ينام عليه فيصيرُ له كالوسادة.
وخرَّج الإِمام أحمد (^٢) من حديث بُرَيْدَةَ مرفوعًا: "إنَّ القرآن يَلْقَى صاحبَهُ يومَ القيامةِ حين ينشَقُّ عنه قبرُه، كالرَّجُل الشاحِبِ (^٣)، فيقول: هل تعرِفني؟ أنا صاحِبُكَ الذي أظمأْتُكَ في الهَواجِرِ، وأسهَرْتُ ليلَكَ، وكُلُّ تاجرٍ من وَرَاءِ تجارته؛ فيُعْطَى المُلْكَ بيمينه، والخُلْدَ بشِمالِهِ، ويوضَعُ على رأسه تاجُ الوَقَارِ، ثم يقال له: اقرأْ واصْعَدْ في دَرَجِ الجنَّة وغُرَفِها، فهو في صُعُودٍ ما دام يقرأُ؛ هذًّا (^٤) كان أو ترتيلًا". وفي حديث عُبَادَةَ بن الصَّامت الطويل: "إن القرآن يأتي صاحِبَه في القبر، فيقول له: أنا الذي كُنْتُ أُسْهِرُ ليلَكَ، وأُظْمِئ نهارَكَ، وأمنَعُكَ شهواتك (^٥)، وسَمْعَكَ وبَصَرَكَ؛ فستجدُني من الأخلَّاءِ خليلَ صِدْقٍ. ثم يَصْعَدُ فيَسألُ له فراشًا ودثارًا، فيؤمَرُ له بفراشٍ
(^١) مسند أحمد ٣/ ٤٤٩.
(^٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" ٥/ ٣٤٨ مطولًا، وانظر "كنز العمال" ١/ ٢٥٧٨.
(^٣) الشاحب: المتغير اللون.
(^٤) الهَذُّ: سَرْعَةُ القَطْع، وسُرْعَةُ القراءة.
(^٥) في ب، ش، ط: "شهوتك".
1 / 320