لطائف المعارف فیما لمواسم العام من الوظائف
لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف
پوهندوی
ياسين محمد السواس
خپرندوی
دار ابن كثير
د ایډیشن شمېره
الخامسة
د چاپ کال
۱۴۲۰ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
تصوف
ثمَّ دَخَلَ المسجِدَ وعُمَرُ يكلِّمُ الناسَ، وهم مجتمِعُونَ عليه، فتكلَّمَ أبو بكرٍ وتشهَّدَ، وحمِدَ الله، فأقبَلَ الناسُ إليه، وتَرَكُوا عُمَرَ. فقال: مَنْ كانَ يعبُدُ محمَّدًا فمن محمَّدًا قَدْ مَاتَ، ومَنْ كان يعبُدُ الله، فإن اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوت، وتلا: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إلَّا رَسُولْ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُل أفإن مَاتَ أو قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابكُمْ﴾ (^١) الآية. فاستيقَنَ الناسُ كلُّهم بموتهِ وكأنَّهُم لم يَسْمَعُوا هذه الآيةَ مِن قبلِ أَن يَتلُوها أبو بكرٍ، فتلقَّاها النَّاسُ منه، فما يُسْمَعُ أحدٌ إلَّا يَتْلُوها.
وقالَتْ فاطمة ﵍: يا أبتاه! أجابَ ربًّا دعاهْ. يا أبتاه! جَنة الفردوسِ مأْواهْ. يا أبتاه! إلى جبريلَ أنعاهْ. يا أبتاه! مِن رَبِّه ما أدناهْ. وعاشَتْ بعدَهُ ستةَ أشْهُرٍ، فما ضَحِكَتْ في (^٢) تلك المدَّةِ، وحُقَّ لها ذلك.
على مِثْلِ ليلَى يَقْتُل المرءُ نَفْسَه … وإنْ كانَ مِنْ لَيْلَى عَلَى الهَجْرِ طَاوِيا
كلُّ المصائب تهونُ عندَ هذه المصيبةِ.
في "سنن ابن ماجه" أنه ﷺ قال في مرضِهِ: "يا أيها (^٣) الناسُ! إنْ (^٤) أحَدٌ مِنَ الناسِ، أو من المؤمنينَ أُصِيبَ بمصيبةٍ، فليتَعزَّ بمصيبتِهِ بي عن المصيبة التي تصيبُه بغيرِي، فإن أحدًا مِن أمتِي لَنْ يُصَابَ بمصيبةٍ بَعْدِي أشدّ عليهِ مِن مصِيبتِي" (^٥).
قال أبو الجوزاءِ (^٦): كانَ الرَّجلُ مِن أهلِ المدينة إذا أصابَتْهُ مُصِيبَة جاءَ أخُوه فصافَحَهُ، ويقول: يا عبدَ الله! ثِقْ باللَّهِ (^٧)، فإن في رسولِ اللهِ ﷺ أسوَةً حَسَنَةً.
اصْبِرْ لِكُلِّ مُصِيبَةٍ وَتَجَلَّدِ … واعْلَمْ بأن المَرْءَ غَير مُخَلَّدِ
واصْبِرْ كما صَبَرَ الكِرامُ فإنَّها … نُوَبٌ تَنُوبُ اليومَ تُكْشَفُ في غَدِ (^٨)
(^١) سورة آل عمران، الآية: (١٤٤) وتتمتها: ﴿ومن ينقلِبْ على عَقِبيْهِ فلن يضُر الله شيئًا، وسيجزي الله الشاكرين﴾. (^٢) لفظة "في" لم ترد في (آ). (^٣) في آ، ش، ع: "أيها الناس"، وما جاء في (ب، ط) موافق لسنن ابن ماجه. (^٤) في سنن ابن ماجه: "أيُّما". (^٥) رواه ابن ماجه رقم (١٥٩٩) في الجنائز، باب: ما جاء في الصبر على المصيبة، وإسناده ضعيف. (^٦) هو أوس بن عبد الله الرَّبعي، أبو الجوزاء البصريُّ، ثقة. حكى البخاري أنه قتل في الجماجم سنة (٨٣ هـ). (^٧) في ب، ش، ع، ط: "اتق الله". (^٨) النُّوَبُ: النوائب، جمع نائبة، وهي المصيبة.
1 / 214