199

لطائف المعارف فیما لمواسم العام من الوظائف

لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف

پوهندوی

ياسين محمد السواس

خپرندوی

دار ابن كثير

د ایډیشن شمېره

الخامسة

د چاپ کال

۱۴۲۰ ه.ق

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

تصوف
وأنا أجِدُ صُداعًا في رأسِي، وأنا أقولُ: وا رأساه! قال: "بل أنا وا رأساه! "، ثم قال: "ما ضرَّكِ لو مُتِّ قبلي فغسَّلتُكِ وكفنْتُكِ، ثم صلَّيْتُ عليكِ ودفنْتُكِ؟ "، فقلْتُ: لكأنِّي بكَ واللهِ لو فعلْتَ ذلكَ، لَقَدْ رَجَعْتَ إلى بيتي فأعْرَسْتَ فيه ببعضِ نسائِكَ، فتبسَّمَ رسولُ الله ﷺ ثمَّ بُدِئَ في وَجَعِهِ الذي ماتَ فيه (^١). فقد تبيَّن أن أوَّلَ مَرَضِهِ كانَ صُداع الرأسِ، والظَّاهِرُ أنهُ كانَ مَعَ حُمَّى، فإنَّ الحُمَّى اشتدَّتْ بهِ في مرضِهِ، فكان يجلِس في مِخْضَبٍ (^٢)، ويُصَبُّ عليهِ الماءُ مِن سبعِ قِرَبٍ، لم تُحْلَلْ أَوْكِيتُهُنَّ (^٣)؛ يتبرَّد بذلك. وكانَ عليه قَطِيفة، فكانَتْ حَرارَةُ الحُمَّى تُصِيبُ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عليه (^٤) من فوقها، فقيلَ له في ذلكَ، فقال: "إنَّا (^٥) كذلِكَ يشَدَّدُ علينا البلاء ويضاعَفُ لنا الأجْرُ". وقال: "إنِّي أُوعَكُ كما يُوعَكُ رجلانِ منكم" (^٦). ومِن شِدَّةٍ وَجَعِهِ كانَ يُغْمَى عليه في مرضِه، ثم يفيقُ، وَحَصَلَ له ذلكَ غيرَ مرةٍ، فأُغمِيَ عليه مرة وظنُّوا أن وَجَعَهُ ذاتُ الجَنْب، فَلَدُّوهُ (^٧)، فلمَّا أفَاقَ أَنْكَرَ ذلِكَ، وأَمَرَ أَنْ يُلَدَّ مَنْ لَدَّهُ، وقال: "إنَّ الله لم يَكُنْ ليُسَلِّطَها عليَّ" يعني ذاتَ الجَنْب، "ولكنهُ مِنَ الأكْلَةِ الَّتِي أكلْتُها يومَ خَيْبَرَ"، يعني أنه نَقَضَ عليه سَمُّ الشاةِ التي أهدَتْها لَه (^٨) اليهوديَّةُ، فأكَلَ منها يومئذٍ، فكانَ ذلِكَ يَثُورُ عليهِ أحيانًا، فقال في مرض مَوْتهِ: "مَا زَالَتْ أَكْلَةُ خَيْبَرَ. تُعَاودني (^٩)، فهذا أوانُ انقطاعِ أبْهَرِي (^١٠) " (^١١). وكان (^١٢) ابن مسعودٍ وغيرُه يقولون: إنَّه ماتَ شهيدًا من السّمِّ.

(^١) رواه أحمد في "المسند" ٦/ ٢٢٨، ورواه أيضًا ابن ماجه رقم (١٤٦٥) في الجنائز، باب: ما جاء في غسل الرجل امرأته وغسل المرأة زوجها، وهو حديث حسن. (^٢) المِخْضبُ: شِبه الإجَّانةِ، يُغسَلُ فيها الثياب. (^٣) الوكاء: رباط القربة الذي يُشد به رأسُها. (^٤) في النسخة (آ): "عليها". (^٥) أي: الأنبياء. (^٦) رواه البخاري رقم (٥٦٤٨) في المرضى، باب: أشدُّ الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل؛ ومسلم رقم (٢٥٧١) في البر والصلة، باب: ثواب المؤمن فيما يصيبه من المرض أو الحزن. (^٧) اللدود: من الأدوية، وهو ما يسقاه المريض في أحد شِقّي الفم. (^٨) في آ: "إليه"، وكلاهما جائز. (^٩) في آ، ب: "تعتادني"، والمثبت من (ع، ش، ط). (^١٠) الأبهر: عرق في الظهر، يقال هو الوريد في العنق. (^١١) رواه الدارمي (١/ ٣٣)، وذكره السيوطي في "الجامع الصغير" رقم (٧٩١٥) وعزاه إلى ابن السني، ولأبي نُعيم في الطب من حديث أبي هريرة ﵁. وهو حديث صحيح، يشهد له حديث البخاري عن عائشة في الوفاة النبوية في المغازي، باب: مرض النبي ﷺ ووفاته. (^١٢) في ش، ع: "فكان".

1 / 206