179

لطائف المعارف فیما لمواسم العام من الوظائف

لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف

پوهندوی

ياسين محمد السواس

خپرندوی

دار ابن كثير

د ایډیشن شمېره

الخامسة

د چاپ کال

۱۴۲۰ ه.ق

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

تصوف
هذا الخطابَ، وهذا يَدُلُّ على اشتهارِ ذلك بينَهم ومعرفتِهِم به، وأنَّه مِمَّا لا يَخْفى علمُه على (^١) العرب، خصوصًا قريش (^٢) وأهل مكَّةَ. وهذا أمرٌ اشتهر بينَهُم وتعارَفُوه، وقالوا فيه الأشعارَ السَّائرة. وقد قالت عائشةُ ﵂: رأيْتُ قائدَ الفِيلِ وسائسَهُ بمكَّةَ أعْمَيَيْنِ يستطعِمانِ. وفي هذه القصَّةِ ما (^٣) يدُلُّ على تعظيمِ مكَّةَ، واحترامِها واحترامِ بيتِ اللهِ الذي فيها. وولادَةُ النَّبيِّ ﷺ عقيبَ (^٤) ذلك تدُلُّ على نبوَّتِه ورسالته؛ فإنَّه ﷺ بُعِثَ بتعظيمِ هذا البيتِ وحجِّه والصَّلاةِ إليه، وكانَ هذا البَلدُ هو موطِنه ومولده، فاضطرَّه قومُهُ عندَ دعوتِهِم إلى الله تعالى إلى الخُروجِ منه كُرهًا بما نَالوه منه (^٥) مِنَ الأذَى، ثم إنَّ الله تعالى ظَفَّرَهُ بهم، وأدخَلَهُ عليهم قهرًا، فملَكَ البلَدَ عَنْوةً، وملَك رِقابَ أهلِهِ، ثمَّ مَنَّ عليهم وأطلقَهم وعَفا عنهم، فكانَ في تسليطِ نبيِّه ﷺ على هذا البلدِ وتمليكِهِ إيَّاه ولأمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ ما دَلَّ على صِحَّةِ نبوَّتِهِ، فإنَّ الله حَبَسَ عنه مَن يُريدُه بالأَذَى وأهلَكَهُ، ثم سَلَّطَ عليه رَسُولَهُ وأمَّتَهُ كما قال ﷺ: "إنَّ الله حَبَسَ عن مَكَّةَ الفِيلَ وسَلَّطَ عليها رَسُولَهُ والمؤمنين" (^٦). فإنَّ الرسولَ ﷺ وأُمَّتَه إنَّما [كان] (^٧) قصدُهم تعظيمَ البيتِ وتكريمَهُ واحترامَهُ، ولهذا أنكَرَ النَّبيُّ ﷺ يومَ الفَتْحِ على مَنْ قال (^٨): اليومَ تُستحلُّ الكَعْبَةُ، وقال: "اليوم تُعظَّمُ الكَعْبةُ (^٩) " (^١٠). وقد كان أهلُ الجاهلية غيَّروا دِين إبراهيمَ وإسماعيل بما ابتَدَعوه

(^١) في ب، ع، ط: "عن". (^٢) في ط: "قريشًا". (^٣) في آ: "مما". (^٤) في ب، ع، ط: "عقب". (^٥) في ب، ش، ط: "به". (^٦) قطعة من حديث طويل رواه البخاري رقم (١١٢) في العلم، باب: كتابة العلم، و(٢٤٣٤) في اللقطة: باب: كيف تُعَرَّف لقطةُ أهل مكة؟، و(٦٨٨٠) في الديات، باب: من قتل له قتيلٌ فهو بخير النَّظَرَين، ومسلم رقم (١٣٥٥) في الحج، باب: تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام؛ وأبو داود رقم (٢٠١٧) في المناسك، باب: تحريم حرم مكة، من حديث أبي هريرة، ﵁. (^٧) زيادة من (ط). (^٨) القائل سعد بن عبادة، ﵁. ولتمام الفائدة انظر: "فتح الباري" للحافظ ابن حجر ٨/ ٨ - ٩. (^٩) الذي في "صحيح البخاري": "هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة". قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ٨/ ٩: قوله ﷺ: " [هذا] يوم يعظم الله فيه الكعبة"، يشير إلى ما وقع من إظهار الإسلام وأذان بلال على ظهرها وغير ذلك مما أزيل عنها مما كان فيها من الأصنام، ومحو ما فيها من الصور، وغير ذلك. (^١٠) رواه البخاري رقم (٤٢٨٠) في المغازي، باب: أين ركز النَّبيُّ ﷺ الرَّاية يوم الفتح؟.

1 / 186