163

لطائف المعارف فیما لمواسم العام من الوظائف

لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف

پوهندوی

ياسين محمد السواس

خپرندوی

دار ابن كثير

د ایډیشن شمېره

الخامسة

د چاپ کال

۱۴۲۰ ه.ق

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

تصوف
وقد عَظُمَتْ عليه نعمَةُ اللهِ، فما أحوَجَهُ إلى القيام بشكرِ هذه النِّعْمَةِ وسؤالِهِ دوامَها والثَّباتَ عليها إلى المماتِ، والموتَ عليها، فبذلِكَ تَتِمُّ النِّعمةُ.
فإبراهيمُ ﵇ هو إمامُ الحنفاء المأمورُ محمَّدٌ ﷺ ومَنْ قَبْلَه مِنَ الأنبياءِ ﵈ بالاقْتِداء به، وهو الَّذي جَعَلَهُ الله للنَّاسِ إمامًا. وقَدْ دعا هو وابنُه إسماعيلُ ﵇ بأن يبعَثَ الله في أهلِ مَكَّةَ رَسُولًا مِنْهُم مَوْصُوفًا بهذِهِ الأوصافِ (^١)، فاستجابَ الله لهما وجَعَلَ هذا النَّبيَّ المَبْعُوثَ (^٢) فيهم مِن وَلَدِ إسماعِيلَ بن إبراهيمَ كما دَعَيا بذلك، وهو النَّبيُّ الَّذِي أَظْهَرَ دِينَ إبراهيمَ الحنِيفَ بعدَ اضمِحلالِهِ وخفائِهِ على أهلِ الأرضِ، فلهذا كان أَوْلَى النَّاسِ بإبراهيمَ، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾. (^٣).
وقال ﷺ: "إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ وَلِيًّا مِن النَّبيِّينَ (^٤) إنَّ وليي (^٥) إبراهيم" (^٦)، ثم تلا هذه الآية. وكان ﷺ أَشْبَهَ وَلَدِ إبرَاهِيمَ بهِ صُورةً ومعنىً، حتى إنَّه أشْبَهَهُ في خُلَّةِ (^٧) اللهِ تعالى، فقال: "إنَّ الله اتَّخذَنِي خَلِيلًا كما اتَّخَذَ إبراهيمَ خليلًا" (^٨).
الثاني (^٩): بِشَارةُ عيسى بهِ، وعيسى آخِرُ أنبياءِ بني إسرائيلَ، وقد قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ (^١٠).
وقد كان المسيحُ ﵇ يَحُضُّ على اتِّباعِهِ، ويقولُ: إنَّه يُبعَثُ

(^١) وذلك في سورة البقرة، الآية ١٢٩، قال تعالى: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ وقد مضى ذكر ذلك.
(^٢) في ط: "مبعوثًا".
(^٣) سورة آل عمران، الآية ٦٨.
(^٤) في ط: "المؤمنين".
(^٥) في ع، ط: "وأنا ولي".
(^٦) رواه الترمذي رقم (٢٩٩٥) في التفسير، باب ومن سورة آل عمران، والطبري في "تفسيره" رقم (٧٢١٦)، وأحمد في "مسنده" ١/ ٤٠١ والحاكم في "المستدرك" ٢/ ٢٩٢ وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. وقد ذكره المؤلف ﵀ بالمعنى.
(^٧) الخُلَّةُ: الصداقة المختصَّة التي ليس فيها خلَلٌ، وجمعها خِلالٌ. والخليل: الصديق.
(^٨) قطعة من حديث رواه ابن ماجه رقم (١٤١) في المقدمة، وهو حديث ضعيف جدًّا.
(^٩) أي الدليل الثاني على نبوَّته ﷺ.
(^١٠) سورة الصف، الآية ٦.

1 / 170