لطائف المعارف فیما لمواسم العام من الوظائف
لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف
پوهندوی
ياسين محمد السواس
خپرندوی
دار ابن كثير
د ایډیشن شمېره
الخامسة
د چاپ کال
۱۴۲۰ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
تصوف
والفائدة الثانية: التنبيهُ على أن المبعوثَ فيهم (^١) - وهم الأمِّيُّون خُصوصًا أهل مكَّةَ - يَعرِفُون نَسَبَهُ، وشرَفَهُ، وصِدْقَهُ، وأمَانَتَهُ، وعِفَّتَهُ، وأنَّه نَشَأ بينَهُمْ معروفًا بذلك كُلِّه، وأنَّه لم يكذِبْ قَطُّ؛ فكيفَ كانَ يَدَعُ الكَذِبَ على النَّاسِ ثم يَفْترِي الكَذِبَ على الله ﷿، وهذا (^٢) هو الباطِلُ، ولذلك سَأَلَ هِرقْلُ (^٣) عن هذه الأوصافِ، واستدلَّ بها على صدقِهِ فيما ادَّعاهُ من النُّبوَّةِ والرِّسالةِ.
وقوله: ﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ﴾، يعني يتلُو عليهم ما أنزَلَ (^٤) الله عليه من آياتِهِ المتلُوَّةِ، وهو القرآنُ، وهو أعظَمُ الكُتبِ السَّماوِيَّةِ، وقد تضمَّنَ من العلوم (^٥) والحِكَم، والمواعِظِ، والقَصَصِ، والترغيب والترهيب (^٦)، وذكرِ أخبارِ مَنْ سَبقَ، وأخبارِ ما يأتي مِن البَعْثِ والنُّشور والجنَّةِ والنَّارِ، ما لمَ يشتمِلْ عليه كتابٌ غيرُهُ، حَتَّى قالَ بعض العلماءِ: لو أن هذا الكتابَ وُجِدَ مكتوبًا في مُصْحَفٍ (^٧) في فلاةٍ من الأرضِ، ولم يُعْلَمْ مَنْ وَضَعَهُ هناك، لشهِدَتِ العُقُولُ السَّلِيمةُ أنَّه منزَلٌ مِن عندِ اللهِ، وأنَّ البَشَرَ لا قدرَةَ لهم على تأليفِ ذلك، فكيف إذا (^٨) جاءَ على يدَيْ أَصْدَقِ الخلْقِ وأبَرِّهِمْ وأتْقاهُم، وقال: إنَّه كلامُ اللهِ، وتحدَّى الخَلْقَ كلَّهم أن يأتوا بسُورةٍ (^٩) من (^١٠) مثلِهِ، فعَجَزُوا. فكيف يَبْقى مع هذا شكٌّ فيه؟ ولهذا قال تعالى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ (^١١).
وقال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ (^١٢). فلو لم يَكُنْ لِمحمَّدٍ ﷺ مِنَ المُعجِزاتِ الدَّالَّةِ على صدقِهِ غَيْرُ هذا الكتابِ [لكفَاهُ] (^١٣)، فكيفَ
(^١) في ب، ش، ط: "منهم".
(^٢) في ب، ع، ش: "هذا"، وفي ط: "فهذا".
(^٣) من حديث طويل أخرجه الشيخان والترمذي، وانظر رواياته وتخريجه في "جامع الأصول" ١١/ ٢٦٥ - ٢٧١، و"إعلام السائلين" ص ٦٧ - ٨٠.
(^٤) في ب، ط، ش: "ما أنزله".
(^٥) في آ: "العلم".
(^٦) في آ: "الرغب والرهب".
(^٧) المُصْحَفُ: مجموعٌ من الصُّحف في مجلد، وغلب استعماله في القرآن الكريم، وجمعه مصاحف.
(^٨) في آ: "إذ".
(^٩) وذلك في قوله تعالى [البقرة: ٢٣]: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. وقوله تعالى [يونس: ٣٨]: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾.
(^١٠) لفظة: "من" لم تر في ب، ش، ط.
(^١١) سورة البقرة، الآية ٢.
(^١٢) سورة العنكبوت، الآية ٥١.
(^١٣) زيادة من ب، ش، ع، ط.
1 / 167