لطائف المعارف فیما لمواسم العام من الوظائف
لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف
پوهندوی
ياسين محمد السواس
خپرندوی
دار ابن كثير
د ایډیشن شمېره
الخامسة
د چاپ کال
۱۴۲۰ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
تصوف
روايةٍ عن قتادَةَ مرسَلةٍ، ثم تلا: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ (^١)، فبدأ به قبلَ نوحٍ الذي هو أوَّلُ الرسُل. فمحمدٌ ﷺ أَوَّلُ الرُّسُلِ خَلْقًا (^٢) وآخرهم بعثًا؛ فإنَّه استُخرِجَ من ظهرِ آدمَ لما صُوِّرَ (^٣)، ونُبِّئ حينئذٍ، وأُخِذَ ميثاقُه، ثم أُعِيدَ إلى ظهرِهِ.
ولا يقالُ: فقد خُلِقَ آدمُ قبلَهُ؛ لأنَّ آدَمَ كان حينئذٍ مَواتًا لا روحَ فيه، ومحمد ﷺ كان حيًّا حين استُخرِجَ ونُبِّئَ وأُخِذَ ميثاقُهُ، فهو ﷺ أوَّلُ النبيينَ خَلْقًا وآخرُهُم بعثًا، فهو خاتَمُ النَّبِيِّينَ باعتبار أن زمَانَهُ تأخَّرَ عنهم، فهو المُقَفِّي (^٤) والعاقِبُ الذي جاء عقيبَ (^٥) الأنبياء ويقفوهم. قال تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ (^٦).
وفي "الصحيحين" عن جَابرٍ، عن النَّبيِّ ﷺ قالَ: "مَثَلِي ومَثلُ الأنبياءِ كمثلِ رجلٍ بَنى دارًا فأكمَلَها وأحسَنَها، إلَّا موضِعَ لَبِنةٍ، فجعَلَ الناسُ يدخُلُونَها ويَعجَبُون منها، ويقولون: لولا مَوضِعُ اللَّبِنَةِ" (^٧). زاد مسلم، قال: "فجئتُ فختمْتُ الأنبياء" (^٧). وفيهما أيضًا عن أبي هريرة ﵁، عن النَّبيِّ ﷺ معناه. وفيه: "فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفونَ به ويقولون: هلَّا وُضِعَتِ اللبِنةُ؟ فأنا اللَّبنَةُ، وأنا خاتَمُ النَّبيِّينَ" (^٨). وقد استدل الإمامُ أحمد بحديث العِرْبَاضِ (^٩) هذا على أنَّ النَّبيَّ ﷺ لم يَزَلْ على التوحيدِ منذ نَشَأَ. وَرَدَّ بذلك على مَنْ زَعَمَ غيرَ ذلك. بل قد يُستَدلُّ بهذا الحديث على أنَّه ﷺ وُلد نبيًّا، فإنَّ نبوَّتَه وجبَتْ له مِن حين أُخِذَ الميثاقُ منه (^١٠)، حيث استُخرِجَ مِن صُلْب آدَمَ، فكان نبيًّا من حينئذٍ، لكن كانت مدَّةُ خروجه إلى الدُّنيا متأخِّرَةً عن ذلك، وذَلك لا
(^١) سورة الأحزاب، الآية ٧.
(^٢) أي في علم الله تعالى، ومدة خروجه إلى الدنيا متأخرة عن ذلك. (ع).
(^٣) في آ: "لما صور بل ونبئ".
(^٤) المُقَفِّي: المتبع للنبيين، والعاقب: آخر الأنبياء. وكلاهما من أسماء الرسول ﷺ. انظر: "زاد المعاد في هدي خير العباد" لابن قيم الجوزية (١/ ٨٦ - ٨٧).
(^٥) في ع، ش: "عقب".
(^٦) سورة الآحزاب، الآية ٤٠.
(^٧) رواه البخاري رقم (٣٥٣٤) في المناقب: باب خاتم النبيين، ومسلم رقم (٢٢٨٧) في الفضائل: باب ذكر كونه ﷺ خاتم النبيين.
(^٨) رواه البخاري رقم (٣٥٣٥) في المناقب: باب خاتم النبيين، ومسلم (٢٢٨٦) (٢١) في الفضائل: باب ذكر كونه ﷺ خاتم النبيين.
(^٩) يعني العرباض بن سارية ﵁ وقد تقدم تخريج حديثه.
(^١٠) لفظة: "منه" سقطت من (آ).
1 / 163