140

لمحات له حیات شیخ الاسلام ابن تیمیه

لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية

نبئت أن رسول الله أوعدني والعفو عند رسول الله مأمول فإذا كان هذا في وعيد مطلق، فكيف بوعيد مقرون، استثناء معقب بقوله {إن ربك فعال لما يريد} وهذا إخبار منه أن يفعل ما يريد عقيب قوله إلا ما شاء ربك فهو عائد إليه ولا بد، ولا يجوز أن يرجع إلى المستثنى منه وحده، إما أن يختص بالمستثنى أو يعود إليهما وغير خاف أن تعلقه بقوله {إلا ما شاء ربك} أو من تعلقه بقوله {خالدين فيها} وذلك ظاهر للمتأمل وهو الذي فهمه الصحابة، فقالوا: أتت هذه الآية على كل وعيد في القرآن، ولم يريدوا بذلك الاستثناء وحده، فإن الاستثناء مذكور في الأنعام أيضا، وإنما أرادوا عقب الاستثناء بقوله {إن ربك فعال لما يريد} وهذا التعقيب نظير قوله في الأنعام {خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم} (الأنعام:128) فأخبر أن عذابهم في جميع الأوقات ورفعه عنهم في وقت يشاؤه صادر عن كمال علمه وحكمته لا عن مشيئة مجردة عن الحكمة والمصلحة والرحمة والعدل، وإذا يستحيل تجرد مشيئته عن ذلك.

مخ ۱۴۳