اقتربت أثناء سيري من مكان ماسح الأحذية الذي أقبل ينظف بحماس حذاء اللجنة (هكذا أسميته في سري وأعجبتني التسمية حتى إني ابتسمت). ورأيته قد انتهى من تلميع وجه الحذاء، فقلبه ومضى يطلي نعله السفلي.
استدرت عائدا إلى حيث يجلس الحارس، فوضعت حقيبتي إلى جواره على الأرض وناولته سيجارة، ثم أشعلت واحدة، وبقيت إلى جواره أدخن. ولم يلبث الماسح أن انتهى من الحذاء، فأحضره إلى الحارس الذي تناوله بعناية وحمله إلى الداخل. وخرج بعد قليل حاملا صينية امتلأت بفناجين القهوة الفارغة، فمضى بها إلى البوفيه، ثم عاد إلى مكانه فوق الكرسي.
ولما كنت أنا الوحيد الذي ستستقبله اللجنة اليوم؛ لسبب بسيط هو أن الساعة أشرفت على الحادية عشرة والنصف، دون أن ينضم إلي أحد؛ فقد خطر لي أنها تناقش أمري الآن. وكانت هذه فكرة مزعجة للغاية؛ لأن معناها ببساطة أن تتكون لديها صورة مبدئية عني. وإذا كانت هذه الصورة سلبية، وهو الاحتمال الغالب لأسباب عديدة؛ فإن ذلك من شأنه أن يضيق من فرصة التأثير الذي يمكن أن أحدثه عندما أمثل أمامها. كنت أعرف أن لديها تقارير كافية عني، ومع ذلك فقد فهمت أن مصيري يتوقف على المقابلة القادمة. وليس معنى هذا أني الذي سعيت إلى هذا اللقاء، وإنما قيل لي إنه لا مندوحة منه؛ ولهذا جئت.
وعند الظهر تماما دخل الحارس الغرفة، ثم خرج على الفور وسألني عن اسمي، وعندئذ أشار إلي بالدخول.
تناولت حقيبتي بيدي اليمنى، وبيدي الأخرى تحسست رباط عنقي لأتأكد من أنه في المكان الصحيح. ورسمت على وجهي ابتسامة واثقة، ثم وضعت يدي على المقبض الأبيض المصنوع من الخزف، الذي تطلعت إليه عشرات المرات في غضون الساعات الثلاث الماضية، وأدرته دافعا الباب إلى الداخل، وولجت الغرفة.
وللوهلة الأولى ارتكبت غلطتين.
ففي اضطرابي - الذي جاهدت عبثا أن أخفيه - نسيت أن أغلق الباب خلفي، وعندئذ سمعت صوتا نسائيا بالقرب مني يقول بلهجة رقيقة: «أغلق الباب من فضلك.»
اندفع الدم حارا إلى وجهي واستدرت إلى الباب، فأمسكت مقبضه بيدي اليسرى ودفعته إلى الخارج، لكنه لم ينغلق.
كان المصراع قديما يتطلب إغلاقه قليلا من الضغط، وكانت يدي اليمنى مشغولة بالحقيبة، فاستخدمت ركبتي للضغط عليه، بينما تصبب العرق على جبيني.
عندئذ سمعت نفس الصوت النسائي الرقيق يقول: «ضع الحقيبة على الأرض واستخدم يديك الاثنتين.»
ناپیژندل شوی مخ