ماذا يحدث لو أعلنت له عدم استعدادي للتخلي عن البحث، أو تعديله، وعزمي على استكماله، والوصول به إلى نهايته الطبيعية مع قبولي لما سيؤدي إليه هذا من ضياع كل فرصي أمام اللجنة؟
ووجدت أن هذا الخاطر أراحني للغاية، كأنما أزاح عن صدري عبئا ثقيلا. وتطلعت إليه وأنا أتمعن الأمر، فخيل إلي أنه أدرك اتجاه تفكيري؛ لأنه ابتسم فجأة ساخرا.
أثارت هذه الابتسامة قلقي، وجعلتني أتساءل: أيعقل أن يكون الأمر بهذه البساطة؟ أنت حر توافق أو ترفض. وإذا رفضت قال: «حسنا، أنت وشأنك، سأتركك الآن، ولا أظن أننا سنلتقي مرة أخرى. وداعا.» وعندئذ أرافقه إلى الباب الخارجي قائلا: «صحبتك السلامة.» وتنتهي الحكاية.
إذن ما ضرورة المسدس؟
أدركت دقة موقفي - لأول مرة - بجلاء تام. فأشعلت سيجارة جديدة وأنا أحاول السيطرة على ارتعاش يدي.
أغمضت عيني، واستعرضت تاريخي. تراءت لي المثل التي آمنت بها في صباي، ثم أسقطت منها تدريجيا ما اتضحت سذاجته وعدم واقعيته، محتفظا بأكثرها أهمية وقيمة، وما يتفق منها مع طبيعتي وإمكانياتي، مستميتا في عدم التنازل عنها، ممزقا بين الضغوط، مجاهدا في إعادة تقويمها كل حين، وتطويرها مع التغيرات المتلاحقة في عالم اليوم، متجنبا المزالق والمنحنيات قدر الإمكان ، متعرضا - في سبيل ذلك - لكثير من الأضرار وما لا يحصى من الأخطار.
وتمثلت ما آلت إليه حياتي قبل أن أتقدم إلى اللجنة، وما لحق بي من مهانة على يدها. ولم أنس - من ناحية أخرى - أن البحث الذي كلفتني به قد أعطى لحياتي شيئا من المعنى، بعد طول خواء.
فتحت عيني، فوجدته ينظر إلي.
تضاحكت قائلا بصوت جاهدت أن أجعله عاديا: «ما رأيك في فنجان قهوة؟ إن الخمول يكاد يصرعني.»
قال: «كما تشاء.»
ناپیژندل شوی مخ