والكتاب قسمان: الأول مقدمة يلتمس فيها المؤلف ما دونه كتاب العصر الوسيط عن زخرف الحياة في الدولة الفاطمية. فهل تأثر المؤرخون العرب في هذا الموضوع بميلهم الغريزي إلى المبالغة في الإشادة والإطناب؟ كلا بل كانوا في وصفهم تلك الحياة صادقين، كما أثبت المؤلف هذه الحقيقة إثباتا قاطعا في القسم الثاني من كتابه، وقد عرض فيه التحف الفاطمية كلها.
ودار الآثار العربية تعد أغنى المتاحف رغم تسرب عدد كبير من التحف إلى أوروبا منذ زمان طويل، بل وقبل إنشاء متحفنا في القاهرة. والدار وإن لم تحتو من التحف العاجية والبللورية والبرنزية والنحاسية إلا على عدد يسير، فإن ثروتها من الأخشاب والمنسوجات والخزف لا تعادلها ثروة.
ولعل هذا الكتاب النفيس المحلى بكثير من اللوحات والرسوم يؤثر في القراء تأثيرا يدفعهم إلى تعرف دار الآثار، فنرى زوارها يزدادون يوما عن يوم.
وما أريد أن أتحدث عن المراجع الكثيرة التي تذيل الكتاب، فإنها قد جعلته جليل النفع عظيم الأثر للمدرسين؛ فالكتاب ومراجعه خير مرشد لهم في تدريسهم تاريخ الفن الإسلامي، وليست هذه المراجع مجرد ثبت يملأ العين؛ وإنما هي نتيجة مجهود وافر، وقد درسها المؤلف كلها، كما يتضح للقارئ عند قراءته ما كتبه من الحواشي في أسفل الصفحات.
وإني أتمنى أن يكون هذا الكتاب شيقا للقارئ كما كان للمؤلف نفسه، وأن يزيد عند المصريين - وكدت أن أسميهم بني وطني، إذ صارت مصر لي وطنا ثانيا - شعورهم بماضيهم الباهر وأن يقوي إيمانهم به واعتزازهم، فالإيمان بالماضي أساس وطيد لوطنية قوية متسامحة، كما أتمنى أن يضاعف الكتاب في نفوس المصريين حب البحث ويرهف فيهم الإحساس بالجمال.
كلمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
كانت نواة هذا الكتاب أبحاثا أعددتها في السنتين الماضيتين وألقيت جزءا منها في المؤتمر الذي عقده المجمع المصري للثقافة العلمية بالقاهرة في مارس سنة 1937.
ويسرني أن أنتهز هذه الفرصة لأقدم للأستاذ فييت مدير دار الآثار العربية خالص الشكر على ثمين تشجيعه وجميل عونه.
كما أشكر حضرات الأساتذة وأصحاب السعادة والعزة أعضاء المجمع المصري للثقافة العلمية، فقد كان لحسن ثقتهم فضل كبير في تأليف هذا الكتاب.
ناپیژندل شوی مخ