EDITOR|
كتاب المجال احد كتب اقلیمس
بسم الاب والابن وروح القدس اله واحد الرب الرحوم . هذا الكتاب احد كتب اقليمس القديس السليح تلميذ سمعان الصفا المكتومة التي أمر القديس اقليمس ان يسترها عن العوام ويدعي منها
مخ ۱
بكتاب المجال وفيه جلال الانساب واشيا من السراير التي اوقف الاهنا ومخلصنا يسوع المسيح عليها سمعان ويعقوب تلميذيه وما يكون من الامور في اخر الزمان وكيف يكون مجي سيدنا المسيح الثاني من السما الى العالم وما يكون من خطاة وغير ذلك . وهو السادس من كتب اقليمس المخزونة في مدينة رومية منذ زمان الحواريين . قال اقليمس القديس انه لما أن طلع الاهنا يسوع المسيح الى السما وتفرق التلاميذ في اقطار الارض للبشارة ودعا الخليقة الى الايمان والصبغة بالمعمودية اتخذوا تلاميذ انتجبوهم واختاروهم ليكونوا معهم وينصرفون الى البلدان بالايمان بالمسيح . فلذلك اتخذني انا سمعان الصفا لنفسه تلميذ . فامنت به وبمن أرسله حق الايمان . وايقنت انه ريس الرسل الذي أعطى مفاتيح السماوات والارض وبنيت عليه كنيسة الله الجامعة الرسولية التي لا يحلها أبواب الجحيم . كما قال الاهنا يسوع المسيح في الانجيل المقدس . وبعد مدة طويلة اتخذ اخوتي فسطس وفسطينا له ايضا تلميذين . وبعد عشرين سنة من اتخاذه اياي تلميذ جمع بيني وبين والدي ووالدتي المسماة مطروديا واوقفني على جميع السراير التي اعطيها من سيدنا يسوع المسيح على طور زيتا . وكان ساير الحواريين في ذلك الوقت وجميع المومنين يلقون جهدا من الكفرة اليهود لان اليهود كانت تقتل كل من تهيا لها قتله من المومنين . وكنت ومعلمي الفاضل سمعان قد جلنا بعض البلدان فلقينا عنيا شديد من مناظرة اليهود والمسلة عن نسب مريم الطاهرة ان كانت مقالتهم فيها انها ليست من ولد يهوذا ليبطلوا بذلك مجي سيدنا المسيح الى العالم وتجسده منها . وكانوا يكثرون الرشي من الاموال وغيرها لليونانين والروم حتى يعاونوهم على هلاك المومنين وابطال امرهم ويمنعوا السليحين من قراة التوراة ليلا يقفوا منها على حال الخليقة وكيف كانت في البدي . ولما رايت ما كنا فيه من الشدة مع اليهود طلبت الى معلمي الفاضل ان يعرفني كيف كانت الخليقة في الابتدا وان يتمنى على الأسباب لانه قد كان
مخ ۲
علم كل شي من الرب يسوع المسيح وكنت خبير بلسان اليونانية وكتبهم عالما بسرائرهم وقد اودعت ما كنت وقفت عليه من اسرارهم كتابي المدعيين بالسابع والثامن . واعلمت معلمي ما يتداخلني من الغيرة للسيدة مارتمريم واغتمامي بتعيير اليهود اياي باني غير فهم بالتوراة . وكثرة مسلتهم اياي عن خلق ابينا آدم . وما اسمعه باذني من شتمهم للسيدة مارتمريم والافترا عليها من غير أن يتهيا لي حيلة ادفعهم بها عن شنيع قولهم . فقلق المعلم لقلقي وداخله لما خبرته به الغيرة فقال انا ناست عليك يا بني كما سالتني عنه وموقفك على الأمور منذ ابتدا الخليقة ومعرفك نسب ام الرحمة مريم الطاهرة وصحته وانها بغير شك من نسل يهوذا بن يعقوب وسبطه . ومخبرك سراير والسبب كان في سقوط الشيطان الاركون من السما . اعلم يا بني أن الرب هو الابتدا وقبل الابتدا الذي هو غير محدود المتعالي فوق العلا المستوى مع العلى ليس له اسفل ولا داخل و خارج الذي هو قبل القبل الجوهر القديم الذي ليس له حد ولا يلحقه عقل ولا يدركه تمييز ولا صفة . كان فوق
مخ ۳
الكون ومع الكون واسفل من الكون الجوهر الخالق الضوء البهي الذي لا يلحقه الظلمة . النور الساكن في النور الذي لا يلحقه الابصار. قبل الخلق كان وهو مكون المكونات الذي مجده منه وبه وبذاته الخالق ما يسبحه لتعرف ربوبيته واقتداره صنع السما والارض وخلق قبل ايقاع تفصيل الاشيا ملايكة يسبحونه عشرة طغمات جنسية أعني بذلك عشرة مراتب فكانت المرتبة to العليا منها القريبة الى كرسي الرب الله الفايضة للتسابيح مرتبة ساطانايل الذي هو الاركون وكانت التسابيح ترتفع الى الله من جميع الملايكة فهي الابتدا في اليوم الاول الذي هو يوم الاحد المقدس راس الايام وبكرها خلق الله السما العالية والارضين والمرتبة العلية من الملايكة وهي مرتبة ساطانايل وروسا الملايكة والقوات والروسا والكراسي والمراتب والمسلطين والكروبين والسرافين والضوء والنهار والليل والريح والما والهوا والنار وما كان شبيها لهذه الاركان فان جميع ذلك كونه الرب تقدست اسماوه باتمام كلمته الازلية بلا نطق وفي يوم الاحد الذي خلقت فيه هذه الاشيا رفرف روح القدس على المياه وبرفرفته عليها تباركت وتقدست وتكون فيها التسخين الذي به يتولد الطبايع المائية واختلطت بذلك خمائر الخليقة كالطائر الذي يحط البيض بجناحيه فيتكون من ذلك الطير الحيواني لان من شان طبع حرارة النار الملهبة أن تحدث حرارة في جناحي الطير فاذا حط بهما البيض تصورت الفراخ فيه وانما كان سبب ترفرف البارقليط المقدس على الأمياه على صورة الطاير ليكون تكون كل طاير بجناحين على ذلك الشكل وفي اليوم الثاني خلق الله السما السفلى التي تدعى الفلك التي يقع نظر الناس عليها لتعلم أن طبايع السماوات العاليات التي تحجبها سما الفلك الظاهرة كطبع سما الفلك الا ان السما التي تلحقها الاعيان مفروزة من السماوات العاليات وكل السماوات ثلث سما الفلك الظاهرة وما فوقها تسمى ذرونيقون وفوقها نار ملهبة . وسما تعلو النار والسماوات ممتليتان فضوء ونورا . لا يستطيع الابصار المخلوقة أن تنظر اليه وفي اليوم الاثنين الذي هو ثاني الايام افرز الرب الذي له التسبحة بين الما الاعلى وبين الما الاسفل فان الما الذي صار في العلو كان طلوعه في هذا اليوم . كسحب مجموعة . ملبدة . وباقي المياه ساكنة في الهوا ليس منها شي يميل الى ناحية من النواحي وفي اليوم الثالث أمر الله المياه التي كانت اسفل الفلك أن تجتمع الى موضع واحد ليراي اليبس . فلما كان ذلك انكشف الغطا الذي هو فوق الارض وتبينت
مخ ۴
الارض . ونظر اليها وهي منهوبة رطبة . ترابا وما مختلطين . وكان الما فيها واسفل منها وفوقها وكانت مخلخلة لاختراق الرياح فيها وان الهوا كان يطلع من جوف الارض ويحل في جوف الاخاقيق منها دوالمجازات تتكون في تلك المغاير الحرارة . والبرودة لخدمة الارض وتثبيتها ، وذلك أن الارض خلقت كسفنجة فهي قائمة فوق الما وفي هذا اليوم امر الله الأرض أن تنبع العشب واليراع والاشجار والزروع والعقاقير وغير ذلك . وفي اليوم الرابع كون الله الشمس والقمر والكواكب ليتبسط حرارة الشمس على الارض فتشتد من رخاوتها وتنشف رطوبتها التي أكسبها الما الذي كان عاليا عليها وفي اليوم الخامس امر الله الأمياه أن تولد اجناسا مختلفة الألوان والاشباه . منها ما يطير في جوف الما ومنها ما يطير فوق الما وان يتولد فيها التنانين ولوبايا وبهموت الهايل منظرهما وطاير الهوا وطاير الما وفي اليوم السادس خلق الله من الارض جميع البهايم والحيوان والحساس وهوام الرجاف . وهذا اليوم يوم الجمعة . وفيه خلق الله ادم من التراب وجبل حوا من ضلعه وفي اليوم السابع استتم الله جميع الخليقة وسماه سبتا . وكان خلق الله لا دم في الساعة الثالثة من يوم الجمعة سادس الايام وكان ادعي ابليس
الربوبية الذي دخلته في الساعة الثانية من هذا اليوم فاهبطه الله من السما الى الارض وقبل أن يخلق الله الرب ادم. وقع الهدو على جميع القوات وقال الله تعالوا نخلق انسانا كمثالنا وصورتنا وشبهنا فلما سمعت الملايكة هذا القول من الرب صارت في فزع وارتعاد عظيم، وقال بعضها البعض . ما هذا العجب الكبير الذي نسمع . وكيف يتهيا أن يظهر لنا صورة الاهنا وخالقنا . ثم ان الملايكة نظرت كلها الى يمين الرب قد انبسطت فوق البرية كلها فصار جميعها في يمينه . ثم نظرت الى يمين الرب وقد تناولت من الارض كلها قبضة يسيرة ترابا . ومن كل الأمياه نقطة ما. ومن الهوا نفسا وروحا . ومن النار قوة الحرارة . فصار في قبضة الرب اجزا من العناصر الاربع الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة . وانما خلق الله جل وعز لادم من هذه العناصر الاربع الضعاف التي لا قوة لها . لتسمع له وتطيع
مخ ۵
جميع البرايا المخلوقة منها . التراب ليطيعه الناس ، والما يطيعه ما تولد منه وفيه . والهوا ليتهيا له استنشاقه وشم نسيمه وليطيعه اطياره . والنار لتكون حرارة القوى المخلوقة منها معاضدة له مقوية لحاسته وكان سبب خلق الله تقدست أسماوه لادم بيده المقدسة على صورته وشبهه ليقبل الحكمة والنطق والحركة الحيوانية والمعرفة بالاشيا فلما نظرت الملايكة الممجدة المسبحة مثله في ادم ارتعدت وهالها اليها العجيب الذي كان قد علا وجهه وتبينت صورته مضية بالنور الالهي الذي كان أفضل من ضوء الشمس وكان جسمه مضيا نيرا كالكواكب المعروف بالاكرسطلس ولما امتدت قامة ادم وثب قايما . فكان في وسط الارض وبسط يمينه وشماله وصف قدميه على الجلجلة وهو الموضع الذي وضعت فيه خشبة يسوع المسيح مخلصنا البس ثوب الملك وجعل على راسه اكليل المجد والسبح والكرامة والوقار وتوج بتاج الملك وجعل هناك ملكا : وكاهنا ونبيا . واجلسه الله على كرسي الكرامة واجتمع الى ما هناك ساير الحيوان والبهايم والاطيار وكل ما خلق الله فوقفت بين يدي ادم . وطامنت روسها وسجدت له وسمى كل واحد منها باسمه . فأطاعه جميع الطبايع واقنعت امره وسمعت الملايكة والقوات صوت الله جل
مخ ۶
وعز وهو يقول لادم يا ادم اني قد جعلتك ملكا وكاهنا ونبيا ومولي وريسا ومدبرا لكل الخلايق المصنوعة فلك تسمع كل الخليقة ولقولك تتبع . وتحت قبضتك تكون . ولك وحدك اعطيت هذا السلطان وخولتك جميع ما خلقت فلما سمعت الملايكة هذا القول من الرب ازدادت لادم اكراما وهيبة ولما راى الشيطان الموهبة التي اعطيها ادم من الرب حسده منذ ذلك اليوم . واعمل المارق من الله الفكر في الاحتيال عليه ليطغيه بجراته ولعنته وانه لما كفر بنعمة الرب التي كانت عليه صار وقاحا حربا فنزع الله تقدست اسماوه عن الشيطان ومنه لباس السبح والوقار. ودعا اسمه شيطانا . تشيطن على الله وساطانا لانه شطن من طرق الرب وابليس لانه نزع منه الوقار . وبينما ادم مستمعا لخطاب ربه اياه وواقفا على مكان الجلجلة وقد اجتمع سائر الخليقة لتسمع مناجاة الله له اذ حملته سحابة من نور فصارت به الى الفردوس وكانت طغمات
مخ ۷
الملايكة تسبح بين يديه والكاروبين منها يتباركون والسرافين د يقدسون الى ان وصل ادم الى الفردوس فدخله على ثلثة ساعات من يوم الجمعة واوصاه الرب له التسبحة بالوصية . وحذره مخالفتها . ثم ان الرب له التسبحة . القي على ادم شبه النوم فنام في الفردوس نومة حلوة . فاختلع الله من جنبه الايسر ضلعا وبرا منه حوا فلما استيقظ وراي حوا فرح بها وسكن اليها وهي في عدن النعيم من الفردوس . والبسهما الله سبحا وبها . فكانا يتباهيان بالتمجيد الذي كانا البساه . وكللهما الرب للتزويج واستبشر لهما الملايكة وكان هناك فرح لم يكن مثله ولا يكون الى اليوم الذي يسمع فيه الصوت البهج من الرب لاصحاب اليمين فمكث ادم وحوا في الفردوس ثلث ساعات . ومكان الفردوس متعال في الهوا وارضه سماوية متعالية على جميع الجبال والروابي الشامخة ثلثين شبرا يكون خمسة عشر ذرعا بذراع روح القدس وهذا الفردوس يدور من المشرق بحايط من الجوف الى مكان الظلمة القبلية التي طرح اليها الا ركون اللعين وهو موضع الهماهم وعدن فهي نبعة الله المتوجه نحو المشرق على ارتفاع ثمان درجات من درجات مشرق الشمس وهي رحمة الله التي كان بنو البشر وعدوا بها وانه سيكون خلاصهم منها لان الله عز وجل علم في تقدمة معرفته ما يفعله الشيطان بادم فجعل ادم ساكنا في خزانة رحمته كما قال داود النبي وانك بيت ملجا صرت لنا الى الدهور يا رب اسكنا داخل رحمتك . وقال ايضا المغبوط داود في طلبته من اجل خلاص بني البشر اذكر يا رب (الشجرة كانت الصليب المغروس في . وسط الارض) بنعمتك التي صنعت قبل الدهور أعني بذلك الرحمة التي احب الرب أن يبسطها على جميع بني البشر وعلى جنسنا الضعيف فعدن هي كنيسة الله . والفردوس الذي فيها مذبح النياح ومدة الحياة التي اعدها الله لجميع القديسين أومن اجل انه كان ادم ملكا كاهنا ونبيا ادخله الله الى داخل الفردوس ليخدم في داخل عدن كنيسة الله الرب المقدس . كما يشهد على ذلك موسى النبي القديس اذ يقول . ان تخدم وتعلن بالتشمسة النبيلة الفاخرة وتحفظ الوصية التي بها ادخل ادم وحوا كنيسة الله ثم نصب الله شجرة الحياة وسط الفردوس وهي صورة الصليب الذى مديدة عليها فهي شجرة الحياة والخلاص واستمر الشيطان على حسده لادم وحوا على النعمة التي خولهما الرب اياها . فاحتال ان دخل في الحية وكانت اجمل الحيوان وكان خلقها على خلق البعير . فحملها حتى صار بها في الهوا الى اسافل الفردوس . والسبب في استتار ابليس اللعين في الحية سماجته . لانه لما نزع من كرامته صار في نهاية السماجة حتى لم يكن يقدر احد من المخلوقين على النظر اليه مكشوفا .
مخ ۸
ولو كانت حوا نظرت اليه غير مستتر بالحية لما كلمته ولهربت منه ولم يتهيا له فيها حيلة ولا مكيدة . الا انه احتال بالاستتار بالحية كالمحتال لتعليم الطير المدور اللسان كلام الناس باليونانية وغيره فانه تحضر مراة واسعة كثيرة الضوء ساطعة الشعاع فيضعها بينه وبين الطير ويتكلم بما يريد ان يعلمه الطير واذا سمع الطير ذلك الكلام تشوف نحوه ونظر في المراة فيرى صورة طاير مثله فيفرح به ولا يشك انه طير من جنسه يكلمه فيصغي اليه وينصت للغته . فيلتقفها ويتكلم بها في ساعة . فان الشيطان اللعين لما دخل الحية قصد نحو حوا لما تفردت في الفردوس عن ادم فناداها باسمها . فالتفتت اليه فنظرت الى مثالها من ورا حجاب فناطقها فناطقته فاطغاها بكلامه لان طبع المراة رخو وهي لكل كلام مصدقة فخاطبها في أمر الشجرة المنهي عنها بمتابعتها على شهوتها ووصف لها طيب مذاقتها وانها متى ما اكلت منها صارت الاها . فرغبت فيما رغبها اللعين فيه ولم تكن سمعت من الرب تقدست اسماوه ما
مخ ۹
كان اوصي ادم في امر الشجرة . فبادرت مسرعة نحوها فخطفت من ثمرتها بفيها . ثم دعت ادم فاسرع نحوها فاعطيته من الثمرة واعلمته انه ان اكلها صار الاها . فاصغي الى مشورتها ولان يكون الاها كما قالت . فلما اكل وهي الثمرة المميتة تشلحا من سبحهما ونزع عنهما مجدهما وصارا متعريين من النور الذي كانا لابسيه فلما نظرا الى انفسهما قد تعريا من النعمة التي كانا لابسيها وبدت لهما سواتهما صنعا لانفسهما ميازر من ورق التين واستترا بهما . وصارا في حزن شديد ثلث ساعات . فلم يستتم بهما المقام في النعمة والملك اللذين خولهما الرب اياه قبل معصيتهما ثلث ساعات حتى نزع منهما وادحضا واهبطا وقت غروب الشمس من ذلك اليوم فقبلا حكم الله في العقوبة . ولبسا من بعد لباس ورق التين لباسا من جلود وهو هذا الجلد الذي يعملوا أجسادنا معشر الناس وهو لباس الأوجاع فكان دخول ادم الفردوس على ثلث ساعات . وجاز هو وحوا الملك العظيم في ثلث ساعات وعريا ثلث ساعات وفي الساعة التاسعة كان خروجهما من الفردوس مكروهين بالحزن الكثير والبكا العظيم والندب والزفير ورقدا في مشارقه بقرب المذبح . فلما استيقظا من نومهما كلم الله ادم وعزاه وقال له تباركت اسماوه . يا ادم لا تحزن فاني رادك الى ميراثك الذي أخرجتك منه معصيتك واعلم ان من اجل محبتي لك لعنت الارض ولم اشفق عليها وذلك من اجل خطيتك ولعنت ايضا الحية التي منها أطغيت وادخلت قوايمها في بطنها . وجعلت طعامها التراب . ولم العنك وحكمت على حوا ان تكون تحت خدمتك . فايقن انك اذا استممت المقام الذي قضيت ان تقيمه في الاكسوريا وهي الارض الملعونة لتجاوزك وصيتي بعثت ابني الحبيب فانه ينزل الى الارض ويلبس جسما من عذرا تدعي مريم من نسلك واني اطهرها واصطفيها وانقلها في ظهر جيل بعد جيل الى وقت هبوط الابن من السما . ففي ذلك الحين يكون اول خلاصك ورجوعك الى ميراثك . فاوص أولادك عند اقتراب وفاتك التي احتمت بها عليك اذا توفيت أن يحفظوا جسمك بالمر والسليخة ويضعوه في المغارة التي تسكنها اليوم حتى الوقت الذي فيه خروج ولدك من جوف الفردوس وجوازه الى الارض الترابية فاذا كان ذلك الوقت علم من يعش اليه من ولدك على حمل جسمك معه ووضعه في الموضع الذي اوقفه عليه . فان ذلك الموضع الذي
مخ ۱۰
يوضع فيه جسمك هو وسط الارض ومنه وفيه يكون لك ولجميع ولدك الخلاص وكشف الله له جميع ما يصير اليه من الاحزان والالام وامره بالصبر على ذلك . ولما اخرج آدم وحوا من الفردوس اغلق باب الفردوس ووكل به ملاكا من نار . وسكن ادم وحوا على الطور المقدس الذي عليه اساس الفردوس في الموضع المعروف بمطاريمون فكانا يسكنان هناك في مغارة كانت في اعلى الجبل مستترين فيها مويسين من الرحمة وكانا اذ ذاك بكرين طاهرين ثم هم ادم بمباضعة حوا فتناول من اساس الفردوس ذهبا ومرا ولبانا وترك ذلك جميعا وقدسه في داخل المغارة . وكان قد جعلها بيت صلاته . وكان الذهب الذي تناوله من أساس الفردوس تماثيلا عددها اثنان وسبعين تمثالا . فدفع ذلك مع المر واللبان الى حوا . وقال هذا لك
صداق فاحتفظي به . ولا بد من أن يهدي جميعا الى بن الله في وقت مجيه الى العالم . فيكون الذهب علامة لملكه . واللبان للتدخين قدامه . والمر لتحنيط جسده الذي ياخذه منا . ويكون ذلك شاهدا على ما بيني وبينك عند مخلصنا أن آتي الى العالم . وسمي ادم تلك المغارة مغارة الكنوز . فلما اتت له بعد خروجه من الفردوس ماية سنة وهو وحوا حزينان باكيان فنزلا من الطور المقدس الى اسفله . وعرف هناك ادم حوا فحبلت واستتم الحبل . فولدت قايين ولوذيا اخته توم . وعاودها فحملت واستتم الحبل فولدت هابيل واخته اقليما توم ايضا . ونمي الغلامان والجاريتان ولحقوا الادراك فقال ادم لحوا . ان الله قد انمي هاولي الفتيان والشواب ان تزوج قايين اقليما اخت هابيل . وتزوج هابيل لوذيا اخت قايين . فعملا على ذلك . فقال قايين لحوا يا أمه أنا أحق باختي التي ولدت معي . فلتسلم الي زوجة وتسلم الى هابيل اخته التي ولدت معه زوجة . وكانت الوذيا اجمل من اقليما . كانت مشبهة لامها حوا . فبلغ قوله ادم فاغتم لذلك وصعب عليه . فقال لابنه قايين أن الذي تلتمسه يا بني خارج عن الناموس . لانه لا يحل لك أن تتزوج اختك التي ولدت معك . واخذ قايين منذ ذلك الوقت الحسد لهابيل
مخ ۱۱
وهم بقتله ثم ان ادم قال له ولهابيل . اختارا اشيا من ثمار الارض ومن اولاد الغنم واطلعا هذا الجبل المقدس وادخلا مغارة الكنوز وصليا هناك بين يدي الله وقدما به ما تحملانه من الثمار وولد الشيا قربانا فاذا فعلتما ذلك تسلم كل واحد منكما مراته . ففعلا ذلك . فبينما هم يصعدان الجبل اذ دخل الشيطان في قايين وبعثه على قتل هابيل . ثم قربا قرابينهما بين يدي الرب . فقبل الله قربان هابيل ورفض قربان قايين لان الله جل وعز علم بنية قايين وما اجمع عليه من قتل اخيه . فلما راي قايين قبول الرب جل اسمه قربان هابيل دون قربانه ازداد حسدا بهابيل وعليه غيظا . فلما نزلا من الجبل شد قايين على هابيل فقتله بحجر محدد ولعن الله قايين ونزل به حكمه . فلم يزل مروعا فزعا ايام حياته وقدم الله به من الجبل المقدس مع امراته الى الاكسوريا الارض الملعونة فسكنا هناك . وحزن ادم وحوا على هابيل حزنا عظيما ماية سنة ودني ادم من حوا فحبلت وتم الحبل وولدت شيث الرجل الجميل الجبار الكامل التام . فكان في كماله كادم ابيه وخوله الله لما بلغ أن جعله والد ساير جبابرة الارض . فاول ما ولد الشيث انوش وانوش ولد قينان . وقينان ولد مهلاليل . هاولي ولدوا في حياة ادم فعاش ادم تسعماية سنة وثلاثين سنة إلى الوقت الذي اتت لمهلاليل مايةوخمسة وثلثون سنة . فلما حضر وقت وفاته استحضر شيث وانوش و قينان ومهلاليل . وصلى عليهم وبركهم واوصى الى ابنه شيث هذه الوصية
{وصية أدم}
مخ ۱۲
اسمع يا ابني شيث ما اوصيك به . واحفظه وتفهمه واوص به عند وفاتك ابنك انوش ليوصى بذلك انوش لقينان ويوصي قينان مهلاليل . وليعمل بهذه الوصية وتعلمها ساير اجيالكم جيل بعد جيل وشعب بعد شعب . فاول ما اوصيك به اذ امت تحنط جسمي بالمر والسليخة . وتجعله في مغارة الكنوز من الجبل المقدس . ولتعلم من يعيش من عقبك في الزمان الذي يكون فيه خروجكم من هذا الجبل المقدس المحيط بالفردوس . على ان يحمل جسمي معه ويصير به الى وسط الارض ويضعه هناك . فان في ذلك الموضع يكون لي ولجميع ولدي الخلاص . وتكن يا ابني شيث بعدي مدبرا لشعبك بمخافة الله وابعد نفسك وولدك جميعا وافردهم
من ولد قايين القاتول وافهم يا ابني حال ساعات الليل والنهار د واسماها وما يسبح الله به فيها وما يجب ان تدعوا الله به عند حلولها وفي أي ساعة تجب الطلبة والتضرع فيها . فقد علمني خالقي ذلك وفهمني اسما جميع حيوان الارض وطير السما واوقفني الرب على عدد ساعات الليل والنهار وامور الملايكة وقواتهم وكيف هم . واعلم لى ان في الساعة الاولة من النهار ارتفاع تسبحة اولي الى الله . وفي الساعة الثانية تكون صلوات الملايكة ودعاهم . والساعة
مخ ۱۳
الثالثة يمجد الطاير . والساعة الرابعة عبادة الروحانين . والساعة الخامسة عبادة ساير الحيوان . والساعة السادسة طلبة الكروبين وتضرعهمم . وفي الساعة السابعة الدخول الى الله والخروج من عنده . لان فيها ترتفع الى الرب صلوات كل حي . وفي الساعة الثامنة عبادة السماوين والنورانين . وفي الساعة التاسعة تشمسة ملايكة الله الذين يقومون بين يدي الله وكرسي وقاره . والساعة العاشرة للما. ففيها ترفرف روح القدس وتطلع على سائر الأمياه وتنفر الشياطين عنها فلولا رفرفة روح القدس وحلولها في هذه الساعة من كل يوم على المياه لما شرب احد ما الا كان هلاكه فيه من الشياطين المفسدين : ولو خطف الما في تلك الساعة خاطف وخلط معه احد كهنة الله زيتا مقدسا ودهن به المرضى والذين بهم الارواح الدنسة بروا من اوصابهم . وفي الساعة الحادي عشر تكون بهجة وفرح للصديقين وفي الساعة الثانية عشر تضرع البشر ودعاهم مقبول بين يدي الله واما ساعات الليل . ففي الساعة الاولى عبادة الشياطين وفي تلك الساعة ساعة عبادتهم ليس باذون احد ولا يفزع منهم شي حتى وقت انصرافهم من عبادتهم وفي الساعة الثانية عبادة الحيتان وما يكون على الما وما في داخله من الدواب . وفي الساعة الثالثة عبادة النار التي اسفل التحوم . وفي هذه الساعة ليس يتهيا لاحد ان ينطق . وفي الساعة الرابعة تقدس السرافين . فاني كنت اسمع ذلك في هذه الساعة وقت مقامي في الفردوس قبل
مخالفتي الوصية . فلما جاوزت الوصية صرت لا اسمع تلك الاصوات ولا حركتهم واضطرابهم كما كنت اسمع . ولا نظرت الى شي مما كنت انظره من القدس قبل الخطية : وفي الساعة الخامسة عبادة الما الذي فوق السما ولقد كنت اسمع والملائكة في هذه الساعة من الما الذي في العلو اصواتا وضجيجا كضجيج المراكب والعجل العظام وتصرخ بالامواج وتهيجها للتصويت بالتسبحة للرب . وفي الساعة السادسة تضرع السحب الى الله وهي فزعة مرتعدة وفي الساعة السابعة تهدي قوات الارض وتسبح وتنام الأمياه وتهدى . فلو خطف انسان شيا من الما في هذه الساعة وخلط فيه الكاهن زيتا مقدسا ودهن به المرضى والذين لا ينامون الليل لبروا المرضي ولنام اصحاب السهر . وفي الساعة الثامنة يخرج العشب من الأرض . وفي الساعة التاسعة تشمسة الملايكة ودخول الصلوات بين يدي الله وفي الساعة العاشرة تفتح أبواب السما ويستجاب دعا اولادي
مخ ۱۴
المومنين ويعطون ما يسلون من الله عز وجل واحتكاك اجنحةالسرافين فبقوة احتكاكها يصيح الديك بالتسبحة للرب . وفي الساعة الحادية عشر تكون فرحة وبهجة على الارض كلها . وذلك أن الشمس تدخل الى فردوس الله وتشرق ضياوها في اقطار الأرض . فتضي البرايا كلها بوقوع شعاع الشمس عليها . وفي الساعة الثانية عشر ينبغي لولدي أن يبخروا بين يدي الرب بالياسمين . فان فيها يكون هدوء
كثيرا في السما على جميع السماويين اعلم يا بني شيث وانصت لكلامي . تيقن أن الله سينزل الى الارض كما قال لي وفهمني وعرفني وقت تعزيته اياي بخروجي من الفردوس فانه جلت اسماوه كلمني وقال في اخر الزمان يتجسد من جارية بكر تسمى مريم ويحتجب بي . ويلبس جلدي ويولد كولاد الانسان بقوة وتدبير لا يفهمه غيره ومن يطلعه على ذلك ويسعى مع الاولاد من البنين والبنات الذي في ذلك الابان ويعمل العجايب والايات ظاهرا . ويمشي على امواج البحر كمشيه على الارض اليابسة . وينتهر الرياح علانية فتنقاد لامره ويصوت بامواج البحر فتستجيب طايعة له وبامره يبصرون العميان ويتطهر البرص ويسمع الاصم ويتكلم الاخرس وينبسط الاحدب وينهض المقعدون ويقوم الزمني فيمشون فيهتدى كثير من الطغاة الى الله ويسترشد الضالون ويطرد الشياطين وكان فيما عزاني به الرب ان قال لي يا ادم لا تحزن فانك الها هممت بان تكون بتجاوزك وصيتي . فالاها انا جاعلك في غير هذا الوقت بعد مدة من السنين وقال لي الرب ايضا اني اخرجك من ارض الفردوس الى الارض المنبتة الشوك والدردار حتي تسكنها واحنى صلبك وارعد ركبتيك من الكبر والشيخوخية يا تراب الى الموت اسلمك وجسمك طعاما للسوس اجعله ورمثا الدودة . وبعد خمسة ايام ونصف من ايامي اتراوف برحمتي عليك واليك انزل وفي بيتك اسكن وجسمك البس ومن اجلك يا ادم
مخ ۱۵
طفلا اكون من اجلك يا ادم في الاسواق احبو . من اجلك يا ادم اربعين يوما اصوم . من اجلك يا ادم اقبل المعمودية . من اجلك يا ادم على الصليب ارفع من اجلك يا ادم الفرية اقبل . من اجلك يا ادم بالسوط اجلد . من اجلك يا أدم الخل اذوق . من اجلك يا ادم يسمر كفاي . من اجلك يا ادم بالحربة اطعن . من اجلك يا ادم للعلا ارعد . من اجلك يا ادم للشمس اظلم. من اجلك يا ادم الصخور اشقق . من اجلك يا ادم لقوات السما أرهب . من اجلك يا ادم لبرية السما ارهج . من اجلك يا ادم للقبور افتح . من اجلك يا ادم للبرية كلها افزع . من أجلك يا ادم ارضا جديدة اصنع ومن بعد ثلثة ايام اقيمها في القبر انهض الجسد الذي اخذته منك واصعده معي بلا افتراق مني واجلسه عن يمين لاهوتي . واجعلك الاها كما احببت فاحفظ يا بني شيث وصايا الله ولا ترخص عندك كلامي . واعلم أنه لا بد للرب من المجي الى الارض . وياخذه قوم منافقين ويمدونه على عود الصليب . ويعروه من لباسه ويرفعونه بين لصين رديين ، ويصعد بجوهر ناسوته على الصليب . ويقتل ويدفن الجسم الذي ياخذ منا ثم يقيمه بعد ثلثة ايام ويطلعه معه الى السما ويجلسه معه عن يمين لاهوته له التمجيد والوقار والتسبحة والعظمة والعبادة والسجود والتهليل والترتيل ولابنه وروح القدس من الان وفي كل اوان والى اخر الدهور والازمان امين واعلم يا بني أنه ليس بد من أن يجي طوفان يغسل الارض كلها من اجل اولاد قايين الرجل الردي الذي قتل اخاك لغيرته على اخته الوذيا . وبعد الطوفان بسوء بيع كثيرة يكون اخر العالم ويتم الحدود وتتكامل الاشيا وتنقطع المدة التي جعلت للبرايا . وتاكل النار ما تلحقه بين يدي الرب وتتقدس الارض فكتب شيث هذه الوصية وختمها بخاتم ابيه ادم الذي كان معه من الفردوس وخاتم حوا وخاتمه وتوفي ادم فاجتمع لتجنيزه اجناد الملايكة لكرامته على الله فحنطه شيث وكفنه وتولي وولده . ووضعه في مشارق الفردوس حيث نام عند خروجه من الفردوس بادنى القرية التي بنيت قبل كل بنيان المسماة اخنوخ في المسكونة . ولما توفي ادم اظلمت الشمس والقمر سبعة ايام وسبع ليال ظلمة صعبة وجعل شيث الصحيفة التي كتب فيها وصية ابيه ادم في مغارة الكنوز مع القرابين التي كان ادم حملها معه من ارض الفردوس . وهي الذهب والمر واللبان التي اعلم ادم شيث وولده أنها ستصير الى ملوك ثلثة من المجوس ويصيرون بها الى مخلص العالم
المولود في مدينة يقال لها بيت لحم بلد يهودا ولم يبقى من ولد ادم المولودين قبل وفاته احد الا اجتمع اليه فودعوه وصلى عليهم ودعا لهم بالسلامة ثم توفي سنة تسع مية وثلثين سنة من حساب ابي شيث وهو الابتدا وكان خروج ابينا آدم من هذا العالم على ثلث ساعات من نهار يوم الجمعة الست خلون
مخ ۱۷
من نيسان . وفي اربع عشرة ليلة من الهلال وفي مثل هذا اليوم اسلم سيدنا المسيح نفسه في يد ابيه فاتصل الحزن على ادم من ولده وولد ولده مايه واربعين يوما لانه اول ميت مات على الارض . وانقسمت الشعوب بين اهل قايين القاتول بعد وفاة ادم . فاخذ شيث اولاده واولاد اولاده ونساءهم واطلعهم الى الطور البهي المقدس . الموضع الذي دفن فيه ادم. وبقى قايين واهله واولاده في اسفل الجبل بالموضع الذي قتل فيه هابيل وصار شيث مدبر أهل زمانه بالتقوا والطهارة والقدس وكان وقوفي يا بني اقليمس على خبر ادم ووصيته هذه من المجوس الذين صاروا الى السيدة مارت مريم بالقرابين وقت ميلاد يسوع المسيح الاهنا المخلص . فانا وجدنا معهم صحيفة فيها ذلك كله ، فتفردت بالاحتفاظ . وكنت وساير اليهود مومنين بذلك . وكانت فيها اشيا كثيرة غير ما بينته لك لم يتهيا شرحها في هذا الوقت . ولا بد ان اخبرك بها بعد . واكشف لك جميع ما وقفت عليه من السراير وكان سبب تسمية الله ولد شيث بن ادم بني الله كما يقول الكتاب ما كان اعلنه الى شيث من التقا والطهارة . فخصهم الرب بهذا الاسم . وهو اجل الاسما لفضلهم عنده . وخولهم ان يبدلوا الطغمة من الملايكة التي تشيطنت وسقطت من السما فاقام شيث وشعبه في اسافل الفردوس وحوله على الجبل المقدس مسبحين للرب ومقدسين لاسمه . في
كل سلامة لا يدخلهم الفكر في شي من أمور العالم اكثر عملهم التسبيح والتهليل مع الملايكة لانهم كانوا يسمعون أصواتهم بالتسبيح والتهليل في الفردوس لانه كان مرتفعا فوقهم ثلثين شبرا بشبر روح القدس . ولم يكونوا يقاسون شيا من الاعمال البتة طعامهم الذي يقيمون به ابدانهم اثمار الشجر النابتة في اعالي طور الفردوس . وكانت تلك الاشجار تطيب ثمارها نسيم الفردوس الذي
كان ينالها وكان هذا الشعب تقيا قديسا . لم يكن في احد منهم غضب ولا حسد ولا محك وتكبر ولا حقد ولا ينطقون لفظا فاحشا وكذب ولا نميمة ولا وقيعة ولا يحلفون على حق . ولا باطل . وكانت ايمانهم فيما بينهم و بزكا دم هابيل الزكي وكانت عادتهم ان يبكر جميعهم الكبير والصغير والذكر والانثى فيصعدون إلى اعلى الجبل فيسجدون هناك بين يدي الله ويتبركون من جسد ادم ابيهم. ثم يرفعون اعينهم الى الفردوس ويسبحون الله ويقدسونه وينصرفون الى مواضعهم فعاش شيث بن ادم التقي تسع ماية
مخ ۱۸
واثنا عشر سنة . ثم مرض مرضه الذي توفي فيه . واجتمع عنده انوش وقينان ومهلاليل ويرد وأخنوخ ونساوهم وبنوهم وبناتهم . وصلي عليهم ودعا لهم وبركهم وقال لهم ، بحق دم هابيل الزكي ان نزل احد منكم من هذا الجبل المقدس ، ولا اختلط بولد قايين القاتول . فانتم تعلمون عداوة ما بيننا منذ قتل هابيل الزكي . ثم ادني ابنه انوش منه وقال له . انت سيد قومك . فاذا انا مت فالزم الخدمة بين يدي الرب وبين يدي جسد ابينا آدم المقدس . واستحلفه بدم هابيل الزكي أن يحسن تدبير شعبه وان يسوسهم بالنقا والطهارة . ولا يفتر من الخدمة بين يدي جسد ادم ومات شيث وهو بن تسع ماية واثنا عشر سنة يوم الثلث لاربع وعشرين ليلة خلت من آب سنة عشرين من عمر اخنوخ الصديق . فحنط بالمر واللبان والسليخة . وجعل في مغارة الكنوز مع جسد ابيه ادم . وناح عليه قومه اربعين يوما . ودبر انوش بعد وفاة ابيه شعبه بالطهارة والتقا امتثل ما أوصاه ابوه به فيهم ولما عاش انوش ثمان مائة وعشرين سنة قتل لامك الاعمي من سبط قايين القاتول في الغابة المعروفة بنون . وكان السبب في ذلك أن لامك كان مجتاز على الغابة متوكيا على بن له شاب . فسمع حركة في الغابة وكانت حركة قايين لانه كان لا يتهيا له ان يقر في مكان واحد منذ قتل اخاه فظن لامك أن تلك الحركة لبعض الوحوش . فتناول من الارض حجرا ورمي به نحو الحركة فوقع الحجر بين عيني قايين فقتله . فقال ابنه انا لله قتلت برميتك ابينا قايين فرفع لامك الاعمى كفيه ليسفق بهما اسفا على قتل قايين . فاصابت راس ابنه فقتله . ولما اتت لانوش تسع ماية وخمس سنين مرض مرضه الذي مات فيه . فاجتمع اليه ساير الابا وفيهم يرد وأخنوخ ومتوشلخ وقينان بن متوشلخ ومهلاليل ونساوهم وبنوهم وبناتهم فبركهم ودعا لهم وصلى عليهم وكد عليهم الايمان بدم هابيل الا تختلطوا باولاد قايين والا تنزلوا من الطور المقدس . وذكرهم عداوة ما بينهم لقتل هابيل . واستدني قينان ابنه منه . وقال له كن يا بني لقومك واهلك كما كنت انا لهم، ودبرهم بعد وفاتي واوصى ابنه مهلاليل برعاية شعبه بالنقا والطهارة . ولا يبطل عن التشمسة بين يدي جسد ابينا ادم مدة حياته . وتوفي انوش بعد أن اتت تسع ماية سنة وخمس سنين يوم السبت الثلث ليال خلون من تشرين الاول سنة ثلث وخمسين من عمر متوشلخ . فحنطه ابنه قينان وكان بكره وكفنه وجعله في مغارة الكنوز . ودبر قينان قومه بالتقا والقدس وحفظ وصايا ابيه وعاش تسع مائة وعشرين سنة ومات يوم الاربعا ثلث عشر ليلة خلت من حزيران . فتولى مهلاليل دفنه ووضعه في مغارة الكنوز مع ابايه وعاش مهلاليل ثمان ماية سنة وخمسة وتسعين سنة . ولما حضرته الوفاة 'أوصى قومه بمثل وصايا من تقدمه من ابايه . وقدم يرد ابنه على الشعب . وكانت وفاته يوم الاحد لليلتين خلتا من نيسان فتولاه برد ووضعه في المغارة مع ابايه ولما اتت ليرد خمس ماية سنة خالف بعض بني شيث وصايا ابائهم . ونبذوا ايمانهم ورا ظهورهم . وبدا الاول فالاول بنزل من الجبل المقدس الى احيا ولد قايين . وكان السبب في ذلك انه تبع للامك الاعمى ابنان يقال لاحدهما توفيل والاخر تو بلقين . فعملا القيثارات وهي العيدان . والنايات والطبول وساير الملاهي . فاحدثت الشياطين فيها اصواتا شجية ولم يكن في بني قايين فيهم احد يامر بمعروف ولا ينهي عن منكر . وكان كل واحد منهم يعمل بحسب هواه فكانوا مشتغلين بالملاهي والاكل والشرب والفساد فاصطاد الشيطان بني شيث حتى اخلطهم ببني قايين بتلك الملاهي لانهم كانوا يسمعون أصواتها انزلهم من الجبل المقدس الى الارض الملعونة ونقلهم من جوار الله وملايكته الى جوار الشياطين . فاختاروا الموت على الحياة . ورفضوا الاسم الذي انحلهم الله اياه . لانه تقدست أسماوه دعاهم بني الرب كقوله المفضل في نبوة داود حيث يقول انكم جميعا الهة أوبنو العلى تدعون . فلما اساتم ونجستم ابدانكم بالحنيفات بنات قايين مثلهم تموتون في الخطية . وحرصوا على اللذات النجسة لا يتداخلهم من ذلك حيا ولا غضاضة . فرجست الارض واختلط الابنا . فلم يكن احد يعرف ولده من
ولد غيره . فاحثوا الشيطان عليهم وبعثهم وخصهم على كل بلية . وكانوا باعمالهم فرحين . تسمع لهم ضحك بشع كصهيل الرماك . وكانت ضجتهم تسمع في الطور المقدس واجتمع من ولد شيث ماية رجل من الجبابرة الاشدا الاقويا على النزول . فبلغ ذلك يرد . فاغتم غم شديدا واستحضرهم واستحلفهم بدم
هابيل الزكي الا ينزلون . وذكرهم الايمان التي اخذها عليهم آباوهم الماضون . وحضر اخنوخ الصديق فقال لهم اعلموا يا بني شيث أن من اطرح وصية الاب وخالف الايمان التي استحلف بها وجعلها ورا ظهره ونزل من هذا الطور المقدس . انه لا يعود اليه ابدا . فلم يلتفتون إلى موعظة يرد ولنواهي اخنوخ ونزلوا . فلما
مخ ۲۱
نظروا إلى بنات قايين وجمالهن وكشفهن أبدانهم بغير حيا زنوا بهن . فاهلكوا انفسهم ولما فعلوا ذلك راموا الرجوع الى الجبل فصارت حجارته نار موقدة . فلم يستطيعوا ذلك . وتشوقت بعدهم طايفة أخرى الى اللحوق بهم . ولم يعلموا ما كان من امر الحجارة . فانحطوا اليهم وتنجسوا بنجاستهم ولما اتت ليرد تسع ماية واثنان وسبعين سنة حضرته الوفاة . فاجتمع اليه اخنوخ ومتوشلخ ولامك ونوح . فصلي عليهم ودعا لهم . وقال اما انتم فلن تنزلوا من هذا الطور المقدس . ولكن اولادكم ونسلكم سيطرحون منه . لان الله لا يدعم فيه تجاوزهم وصايا الابا . ثم قال لساير اولادهم انكم ستصيرون الى الارض الترابية المنبتة الشوك والدردار . فمن خرج منكم من هذا البلد المقدس فلياخذ معه جسد أبينا آدم وان
مخ ۲۲
قدر على اخذ جميع اجساد الابا فليفعل وياخذ معه كتب الوصايا والقرابين من الذهب والمر واللبان وليضع ذلك مع جسد ابينا ادم حيث يامره الله . ثم قال لاخنوخ واما انت يا بني فلا تفارق التشمسة والتسبحة بين يدي جسم ابينا آدم واخدم بين يدي الله بالتقا والقدس ايام حياتك . وتوفي في الساعة الثالثة من يوم الجمعة لاثني عشر ليلة خلت من ايار سنة ثلثمائة وستين من حياة متوشلخ . فحنطه ابنه وكفنه وجعله في مغارة الكنوز . وارذل الله بقية ولد شيث لمحبتهم الخطية . فالتاموا سبعين ومالوا الى النزول . فلما رأى ذلك اخنوخ ومتوشلخ ولامك ونوح حزنوا حزنا عظيما ولما تمت لاخنوخ في تشمسته بين يدي الرب خمسون سنة وذلك سنة ثلثماية وخمس وستين سنة من عمره وقف على منزلته عند الاهه . فدعا بمتوشلخ ولامك ونوح . وقال انا اعلم ان الرب وسيغضب على هذا الشعب ويحكم عليه حكما ليست فيه رحمة وانتم بقية الابا والاجيال المقدسة فلا تدعون التشمسة بين يدي الرب وكونوا طاهرين اتقيا واعلموا أنه لن يولد في هذا الطور المقدس بعدكم انسان يكون ابا وريسا على قومه ولما استتم اخنوخ وصيته هذه رفعه الله الى ارض الحياة وجعله مقيمها حول الفردوس في البلد الذي لا موت فيه ثم ان ولد شيت طرحوا من الطور المقدس الى محلة قايين وولده . فلم يبقى منهم على الطور غير الثلثة الابا متوشلخ ولامك ونوح . وحفظ نوح البار نفسه البتولة خمس ماية سنة . ولما كان بعد ذلك ناجاه الله المتحنن على اهل طاعته وأمره أن يتزوج امرأة يقال لها هيكل ابنة ناموسا بن اخنوخ
مخ ۲۳