ولكن فجأة وبغير مقدمات فوجئت مصر وفوجئ العالم بالقاهرة الخالدة ذات التاريخ العريق تحترق. وراحت الأصابع وما زالت تشير في اتجاهات عديدة وما زلت أعجب لماذا لم تشر جميعها إلى الجهة الوحيدة التي ستنتفع من هذا الحريق؟
استقالت الوزارة واتجه الملك إلى حزبي الأحرار الدستوريين والسعديين ليؤلفا الوزارة؛ فرفض كلاهما، فقد كان ثلاثون منهما ومن شخصيات مصرية عامة قد كتبوا العريضة للملك التي يظهرونه فيها على الفساد المنتشر حوله والتي يحملونه فيها وحده مسئوليته ما سينتج عنه، وقد طالبوا بإخراج الأسماء الدنسة التي تحيط به، فحين أراد منهم أن يؤلفوا الوزارة كان رفضهم مبنيا على أنهم لن يشتركوا ما دام الملك يتردى في الفساد متخذا سلمه في الانحدار من ظهور هؤلاء الحقراء الذين يزينون له الخطيئة والطغيان والفساد.
واضطر الملك أن يترك الأحزاب ويتجه إلى المستقلين. والمستقلون لا عون لهم من الشعب، وراحت مصر تتخبط كالسكران المخدور الأعمى منذ حريق القاهرة.
أليس عجيبا أن تجد هذا التاريخ بين فصول رواية بطلها فرغلي بن فهيم والغزية، ولكن الحقيقة أن أي إنسان في مصر حتى، ولو كان فرغلي بن فهيم والغزية، تأثرت حياته ومستقبله بهذه الفترة فهي ليست جزءا من تاريخ مصر فقط وإنما هي أيضا جزء من تاريخ فرغلي بن فهيم والغزية.
15
طريق بلا نهاية
استطاعت المصاهرة التي جمعت وصفي وفرغلي في إناء واحد أن تجعل فرغلي على صلات حميمة مع كل عهد. وقد استطاع في دربة الثعلب أن يعطي عطاءه بالقدر المناسب في الوقت المناسب.
فحين يبدأ الهتاف يكون أول الهاتفين، وحين تبدأ التنظيمات تصدرها بما له من صلات ربما مصاهرة أغدقت عليه ألوان النعيم، فقد استطاع وصفي في قفزة ثورية أن يصبح من أهل المناصب الكبرى في الجهاز الذي يعمل به.
ومع الأيام توالت الأحداث ومع السنين أصبح فرغلي يثب الدرجات الوظيفية والسياسية في آن معا.
ولم يكن كثيرا عليه أن يحتل مكان وحيد بك عفيفي منذ اللحظة الأولى، وتمكن من كرسيه تمكنا استطاعت به يداه أن تغوصا أكثر فأكثر في أعناق قوم كثيرين على رأسهم بطبيعة الحال نديم وممدوح ويحيى.
ناپیژندل شوی مخ