خرافه: مقدمه قصیره جدا
الخرافة: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
تطبيق النظريات على الأساطير
يتمثل تحليل إحدى الأساطير في إجراء التحليل في ضوء إحدى النظريات؛ فلا مفر من التنظير. على سبيل المثال، كتيبات الميثولوجيا الكلاسيكية، التي تربط ربطا مباشرا بين رحلة أدونيس السنوية إلى برسيفوني ثم عودته إلى أفروديت، وبين مراحل إنبات الزهرة؛ تفترض مسبقا اعتبار الأسطورة نظيرا بدائيا للعلم. وبينما يعتبر التشكك في شمولية أية نظرية أمرا محل نظر، فإنه لا يمكن التخلي عن التنظير بصورة كاملة.
تحتاج النظريات إلى الأساطير بقدر حاجة الأساطير إلى النظريات. إذا فسرت النظريات الأساطير، فإن الأساطير بدورها تؤكد صحة النظريات. رغم ذلك، لا يؤكد التوافق التام بين النظرية والأسطورة صحة النظرية، ولا بد من ترسيخ المبادئ الأساسية للنظرية بصورة مستقلة. على سبيل المثال، إن توضيح أن نظرية يونج، عند تطبيقها، تفسر أسطورة أدونيس، لا يثبت في حد ذاته وجود لاوعي جمعي يفترض مسبقا في المقابل. وأحد الطرق - غير المباشرة - التي تساعد في تأكيد إحدى النظريات تتمثل في إظهار براعة تطبيقها «عند» التسليم بصحة مبادئها الأساسية، وهو ما يستند إلى صحة أو محدودية النظرية حال إثبات عدم نجاحها.
هوامش
الفصل الأول
الأسطورة والعلم
يرجع رفض الأسطورة في الغرب إلى أفلاطون الذي رفض أساطير هوميروس لأسباب أخلاقية بالأساس. واقتصر الأمر في الدفاع عن الأسطورة من هذا الاتهام على الرواقيين الذين أعادوا تفسير الأساطير مجازيا. ولم يأت رفض الأساطير الأساسي في العصر الحديث من علم الأخلاق بل من العلم. ويفترض هنا أن تفسر الأسطورة طريقة سيطرة الآلهة على العالم المادي بدلا من طريقة تعامل الآلهة مع بعضها البعض، مثلما كان يرى أفلاطون. وبينما كان أفلاطون يسخر من الأساطير لتقديم الآلهة كشخصيات تمارس الأفعال اللاأخلاقية، فإن نقاد العصر الحديث يرفضون الأساطير بسبب تفسيرها للعالم تفسيرا غير علمي.
الأسطورة كعلم حقيقي
كان من أشكال الرفض الحديثة للأساطير رفض مصداقيتها العلمية. فهل حدثت عملية الخلق في ستة أيام فقط، مثلما تشير القصة الأولى من قصتي الخلق في سفر التكوين (1: 1-2: 4أ)؟ هل كان هناك حقا طوفان غمر العالم بأكمله؟ هل يرجع تاريخ الأرض إلى ستة أو سبعة آلاف سنة فقط؟ هل أصاب المصريين عشرة ضربات بالفعل؟ كان أحد أكثر الدفاعات استماتة عن الأسطورة في هذا السياق هو الزعم بصحة الرواية المذكورة في الكتاب المقدس لهذه الأحداث، بسبب تنزيل الله للأسفار على موسى. ويتخذ هذا الرأي، المعروف باسم «نظرية الخلق»، صورا متعددة، تتراوح بين حساب عدد أيام الخلق باعتبارها ستة أيام بالضبط، وبين اعتبارها مسألة استغرقت «عصورا». وظهرت نظرية الخلق كرد فعل لكتاب «أصل الأنواع» لداروين (1859)، الذي يطرح تطور الأنواع تدريجيا بعضها من بعض، وليس خلقها بصورة منفصلة آنية. ومما يدعو للدهشة أن نظرية الخلق صارت أكثر، وليس أقل، تشبثا بالحرفية في تفسيرها لرواية الكتاب المقدس لقصة الخلق.
في الوقت نفسه، يتباهى مؤيدو نظرية الخلق من كافة المشارب بشأن رؤاهم باعتبارها علمية «وكذلك» دينية، وليست دينية «أكثر» من كونها علمية. و«نظرية الخلق» هي اختصار ل «علم الخلق»، الذي يقتنص أي دليل علمي من أي نوع لدعم مزاعمه، ودحض مزاعم النظريات اللادينية المنافسة مثل التطور. ولا شك في أن «علماء الخلق» قد يعترضون على استخدام مصطلح «أسطورة» للتعبير عن الرؤى التي يدافعون عنها؛ وذلك فقط نظرا للمعتقدات الزائفة المرتبطة بالمصطلح. وإذا جرى استخدام المصطلح بصورة محايدة للإشارة إلى معتنق راسخ، فإن نظرية الخلق ستعبر حينها عن أسطورة تزعم أنها علمية. ومن وجهة نظر علماء الخلق، لا يستند التطور إلى أي أساس علمي على الإطلاق. وفي حال وجود أي صدام بين الكتاب المقدس والعلم الحديث، يجب على العلم الحديث أن يفسح المجال لعلم الكتاب المقدس، وليس العكس.
ناپیژندل شوی مخ