خرافه: مقدمه قصیره جدا
الخرافة: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
إذا فسرنا رد ترسياس حرفيا، فإن الاتهامات المروعة بقتل الأب وزنا المحارم التي وجهها إلى أوديب لم تنبع من أي مصدر معلومات خارق [ومن ثم لا تمثل «الحقيقة»]. ويعتبر الاتهام فعلا انتقاميا ينبثق عن حوار عدواني لمسألة مأساوية. يبدأ أوديب غير عامد هذا الحوار من خلال إجبار ترسياس على التحدث. فيتهم أوديب ترسياس بالاشتراك في قتل لايوس [والد أوديب]، ويحثه إذن على الانتقام، بإلقاء التهمة عليه مجددا ... يعتبر اتهام [كل منهما] للآخر بقتل لايوس بمثابة إلقاء كل طرف على الآخر مسئولية التسبب في أزمة كبش الفداء. في المقابل، مثلما رأينا، يشترك الجميع في تحمل المسئولية؛ نظرا لأن الجميع شارك في تدمير نظام ثقافي. (جيرار، «العنف والمقدس »، ص71)
في واقع الأمر، بحسب جيرار، يقرر أهل طيبة قبول رأي ترسياس وكريون بدلا من رأي أوديب حول من المتسبب في انهيار المجتمع. فتحول الأسطورة المترتبة على ذلك آراء المنتصرين إلى حقيقة:
سعى أهل طيبة - المتدينون - إلى علاج لعلتهم من خلال القبول الشكلي للأسطورة، من خلال جعل الأسطورة الرواية غير المتنازع عليها للأحداث التي هزت المدينة، ومن خلال جعل الأسطورة ميثاقا لنظام ثقافي جديد، وذلك عبر إقناع أنفسهم، باختصار، بأن جميع مآسيهم كانت ترجع فقط إلى الفاجعة التي حلت بهم. ويتطلب هذا الموقف الإيمان التام بذنب الضحية البديلة. (جيرار، «العنف والمقدس»، ص83)
أن يكون هذا العنف الجماعي، وليس أوديب وحده، هو السبب الحقيقي في المشكلة؛ هو ما تؤكده الأحداث اللاحقة. فبينما تنتهي الفاجعة، يتبعها صراع على العرش بين كريون، وبولينيسس بن أوديب، وابن أوديب الآخر إتيوكليس. في رأي جيرار، يرفض سوفوكليس الأسطورة، وإن لم يكن ذلك بصورة مباشرة أبدا، بحيث جرى النظر إلى المسرحية بصورة مستمرة، من قبل هاريسون وموراي، باعتبارها «النسخة» الدرامية للأسطورة بدلا من اعتبارها «رفضا» لها، مثلما يذهب جيرار الأكثر حدة في الملاحظة فيما يبدو.
تفعل الأسطورة، التي تمتد في «أوديب في كولونس»، أكثر من لوم أوديب على ما حل بطيبة من ويلات. فتتطور لتجعل من أوديب بطلا. حتى عندما كان ملكا، يتميز أوديب بالبطولية في اعتبار إنهاء الفاجعة التي حلت برعاياه من واجبه، وفي التعهد باكتشاف المذنب، وفي الإصرار على أن ينفى عند اكتشافه بأنه المذنب. في المقابل، في رأي جيرار، لا يعتبر البطل الحقيقي هو أوديب الذي سقط وضحى بنفسه، كما يذهب رجلان، بل أوديب رفيع الشأن. حتى في حال كان هو المذنب، يمتلك أوديب القدرة على إنقاذ طيبة: مثلما كان ظهوره سببا في وقوع البلاء، سيؤدي اختفاؤه إلى إنهائه. يعتبر أوديب بطلا حتى وإن كان مجرما؛ فهو يمتلك قدرة تشبه قدرة الإله على إحداث البلاء ورفعه.
في المقابل، بحلول وقت عرض مسرحية «أوديب في كولونس»، كانت مكانة أوديب قد ارتفعت. بوصوله إلى كولونس، التي تقع بالقرب من أثينا، بعد سنوات من التجوال، يؤمر بالعودة إلى طيبة. ومثلما اعتمدت سلامة مجتمع طيبة على نفي أوديب، تعتمد سلامته الآن أيضا على عودته. يرفض أوديب العودة؛ إذ نعلم أن أوديب كان يريد البقاء في طيبة بعد الأحداث في «أوديب ملكا»، غير أنه أجبر على الرحيل من جانب كريون وآخرين في النهاية. ولكن كريون مستعد الآن للقبض على أوديب وإعادته إلى طيبة، فيعرض الملك ثيسيوس على أوديب حق اللجوء. في المقابل، يعلن أوديب أن موضع دفنه في أثينا سيحمي أثينا من أي هجوم من طيبة. باختصار، ينتهي المطاف بأوديب، الذي بدأ ملكا لطيبة شبيها بالإله في «أوديب ملكا»، بأن يصبح صاحب أياد بيضاء على أثينا وشبيها بالإله في «أوديب في كولونس».
أدونيس
ربط اليونانيون القدماء عدم النضج النفسي بعدم النضج السياسي: كان فشل أدونيس في أن يصبح شخصا بالغا سيعني فشله في أن يصبح مواطنا. كان أدونيس سيتناسب تماما مع ذلك الشكل من الحكم الذي لا ينطوي على أي نوع من المسئولية ويتبنى الطفولة السياسية منهجا؛ أي الطغيان. ويتناسب خضوع أدونيس إلى الإلهتين اللتين تشبهان الأمهات مع مجتمع تسيطر فيه الأم على الأحداث. وفي ظل تعامله فقط مع إناث تغمرنه بالاهتمام الخانق، يسقط أدونيس تلك الصفات على جميع الإناث، ومن ثم يخضع لهن دون أدنى تردد.
تشكل العائلة الصلة بين الشخصية و«دولة المدينة» التي يديرها مواطنون من الذكور. وينطبق على الحياة العائلية أيضا التضاد الذي يعقده هيرودوت بين دولة المدينة في اليونان، التي يخضع فيها الجميع حتى الحاكم إلى القانون، والطغيان في الشرق، الذي يعتبر الحاكم فيه فوق القانون.
ولبيان طغيان الحكام الشرقيين، يعدد هيرودوت تجاوزاتهم لقواعد الأخلاق العائلية. على سبيل المثال، يأمر كاندوليس ملك سارديس جايجيس، حارسه الشخصي، باختلاس النظر إلى الملكة أثناء خلعها لملابسها. وتجبر الملكة جايجيس على قتل زوجها (هيرودوت، الكتاب الأول، الفصول 8-13). ويخبر سولون كرويسوس، ملك ليديا، أن أسعد الرجال الذين كان يعرفهم لم يكن سوى مواطن أثيني غير معروف كان لديه أبناء رائعون، وظل على قيد الحياة ليرى أبناءه يربون أبناءهم أيضا. وكان لدى كرويسوس نفسه ولدان: أحدهما أصم وأبكم، فيما قتل الآخر - مثل أدونيس، بينما كان يصيد خنزيرا بريا - بيد صديق قتل أخاه خطأ ونفاه أبوه بسبب ذلك (هيرودوت، الكتاب الأول، الفصول 29-33). وأمر استياجس ملك ميديا بقتل كورش، حفيده، عند ميلاده؛ لكيلا يستولي على العرش فيما بعد. وردا على فشل هارباجوس في القيام بالمهمة، يقتل استياجس ابن هارباجوس؛ بناء على ذلك، يسقط كورش جده وإن لم يقتله (هيرودوت، الكتاب الأول، الفصول 117-119). ويتزوج كامبيسس ملك بلاد فارس، ابن كورش وخليفته، اثنتين من إخوته، ويقتل واحدة منهن، ثم يقتل أخاه أيضا. ويجن كامبيسس ويموت بلا أطفال (هيرودوت، الكتاب الثالث، الفصلان 31-32)، وهكذا يحدث لشايارشاخ ملك بلاد فارس، أسوأ الملوك على الإطلاق.
ناپیژندل شوی مخ