خرافه: مقدمه قصیره جدا
الخرافة: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
فهي النموذج الأمثل للجمال، وأقصى إشباع لجميع الرغبات، والغاية النهائية المبهجة لأي بطل أرضي أو غير ذلك. (كامبل، «البطل ذو الألف وجه»، ص110-111)
على النقيض من هذه الإلهة، يكون الإله طاغية وعديم الرحمة، أو «غولا». يضاجع البطل الإلهة ثم يتزوجها، ويحارب الإله، سواء قبل أو بعد مقابلته الإلهة. رغم ذلك، يتوحد البطل مع الإله والإلهة على حد سواء - وليس مع الإلهة فقط - توحدا روحيا، ومن ثم يصبح هو نفسه إلها.
بينما «يعود» بطل رانك إلى دياره لمقابلة أبيه وأمه، «يغادر» بطل كامبل الديار لمقابلة الإله والإلهة، اللذين يعتبران بمنزلة أبيه وأمه وإن لم يكونا والديه. في المقابل، تتشابه مقابلة كل منهما بعضها مع بعض على نحو مميز؛ فمثلما يقتل بطل رانك أباه، ثم يتزوج أمه وهو ما يحدث خفيا، يتزوج بطل كامبل أيضا الإلهة، وإن كان في ترتيب عكسي للأحداث، ثم يقاتل الإله، وإن لم يقتله.
ولكن لا تزال الفروق بين البطلين أكثر أهمية من ذلك. فنظرا لأن الإلهة ليست أما للبطل، لا تعتبر مضاجعته إياها زنا محارم. إضافة إلى ذلك، لا يقتصر الأمر على زواجهما بل إنهما يصيران كيانا واحدا روحيا. وعلى الرغم مما توحي به المظاهر، لا تعتبر علاقة البطل بالإله في رأي كامبل أقل إيجابية؛ إذ يسعى البطل إلى حب الإله مثل الحب الذي فاز به أو على وشك الفوز به من الإلهة. فهو يسعى إلى تحقيق المصالحة، أو «التكفير عن خطيئته».
عندما يكتب كامبل أن الأساطير المصاحبة لطقوس الابتداء «تفصح عن الجانب المعطاء الحميد في «النمط الأصلي» للأب»، فإنه يستخدم هذا المصطلح بمعناه وفقا لرؤية يونج. وفي رأي أتباع فرويد، ترمز الآلهة إلى الآباء، بينما في رأي أتباع يونج يرمز الآباء إلى الآلهة، الذين بدورهم يرمزون إلى الأنماط الأصلية للأب والأم، والتي تمثل العناصر المكونة لشخصية البطل. ولا ترمز علاقة البطل بهذه الآلهة إلى علاقة ابن بأشخاص آخرين - أبويه - مثلما يذهب فرويد ورانك بل إلى جانب واحد من شخصية الذكر - أناه - أي إلى جانب آخر؛ لاوعيه. ولا يعتبر الأب والأم سوى نمطيين أصليين يتألف منهما اللاوعي اليونجي، أو «الجمعي». وتوجد الأنماط الأصلية في اللاوعي ليس نظرا لكبتها بل لأنها لم توجد أبدا في الوعي. وفي رأي يونج وكامبل، لا تنشأ الأسطورة وتؤدي وظائفها لإرضاء دوافع الاضطراب الانفعالي التي لا يمكن التعبير عنها صراحة، مثلما يذهب فرويد ورانك، وإنما للتعبير عن الجوانب الطبيعية في الشخصية والتي لم تسنح لها الفرصة بعد للتحقق.
وبالتوحد مع بطل الأسطورة، يتخيل صانع الأسطورة أو القارئ من الذكور على نحو غير مباشر - في رأي رانك - القيام بمغامرة، إذا تحققت بصورة مباشرة، سيجري تمثيلها على أبويه أنفسهما. على النقيض، يتخيل صانع الأسطورة أو القارئ سواء من الذكور أو الإناث - في رأي كامبل - مغامرة ستظل تدور في عقله إذا تحققت بصورة مباشرة؛ إذ لا يتعامل البطل إلا مع أجزاء من العقل. وباستخدام لغة المواد المخدرة، تعتبر المغامرة البطولية في رأي كامبل بمنزلة «الانتشاء».
وبنجاحه في الإفلات من العالم الآمن اليومي والانطلاق إلى عالم خطر جديد، يجب على بطل كامبل، حتى يستكمل الرحلة، الإفلات من العالم الجديد الذي استقر فيه، ثم العودة إلى عالم الحياة اليومية. ويتميز العالم الجديد بالجاذبية الشديدة بحيث تصبح عملية الإفلات منه أكثر صعوبة من مغادرة الديار؛ بناء عليه، كانت سيرسي وكاليبسو والسيرانات وآكلو اللوتس يغرون أوديب بحياة خالدة لا نصب فيها ولا تعب.
يعارض يونج شأنه شأن فرويد وجود حالة صرفة من اللاوعي، على الرغم من عدم فهم هذه الحالة فهما سليما. فكلاهما يسعى إلى تحويل اللاوعي إلى وعي؛ لذا يظل الوعي هو النموذج المثالي من منظورهما. ويعارض يونج رفض الوعي العادي، أو وعي الأنا، لصالح اللاوعي بنفس قوة معارضته لرفض اللاوعي لصالح وعي الأنا. ويسعى يونج إلى تحقيق التوازن بين حالتي وعي الأنا واللاوعي، بين الوعي بالعالم الخارجي والوعي باللاوعي. وفي رأيه، يشير فشل البطل في العودة إلى عالم الحياة اليومية إلى الفشل في مقاومة إغراء اللاوعي.
على النقيض من يونج، يسعى كامبل إلى تحقيق حالة من اللاوعي الصرف. فلا يعود بطل كامبل إلى عالم الحياة اليومية أبدا، مستسلما إلى حالة اللاوعي. إلا أن كامبل نفسه يشترط عودة بطله إلى عالم الحياة اليومية. كيف، إذن، يرفضه بطله؟ تتمثل الإجابة في أن العالم الذي يعود إليه بطل كامبل هو العالم الجديد الغريب، الذي يتضح أنه يتخلل كل شيء في عالم الحياة اليومية. فلا يوجد عالم منفصل للحياة اليومية؛ ويعد هو والعالم الجديد عالما واحدا:
يمكن تصوير العالمين، عالم الآلهة [الجديد] وعالم البشر [اليومي] على أنهما عالمان متمايزان بعضهما عن بعض، عالمان مختلفان كاختلاف الحياة والموت، كاختلاف النهار والليل ... في المقابل، تعتبر المملكتان في حقيقة الأمر مملكة واحدة. (كامبل، «البطل ذو الألف وجه»، ص217)
ناپیژندل شوی مخ