خلاصة الیومیه والشذور
خلاصة اليومية والشذور
ژانرونه
الرعايا تحتسب للملوك تواضعا ما ليس بتواضع في الواقع؛ فلو علم الملك الذي يتنزل إلى مخاطبة السوقة أن في ذلك ما يغض من قدره، بل لو علم أنه لا يرفع مكانته عندهم لما فعله.
الأثرة
الرجل الإيثاري في الحقيقة يتحرى مصلحته أكثر من الرجل الأناني، فإن الأول يحسب حساب مصالحه في الحاضر والمستقبل، والثاني يقصر نظره على المصلحة الحاضرة.
على أن الأثرة الممقوتة ليست هي التي نفسرها بأن يحب الإنسان الخير لنفسه، ولكنها الأثرة التي أساسها جهل حقوق الغير أو تجاهلها، وهي أثرة عتاة المستبدين والأطفال ومن على شاكلتهم من الجهل بعواطف الناس أو عدم الاضطرار للاعتراف بها، وهي أيضا أثرة من يطلق له العنان لحب نفسه وإرضاء مطامعه، وشر هؤلاء ضررا على الاجتماع في وقتنا الحاضر فئة الرأسماليين الذين تتركهم الحكومات يجمعون الأموال ويتمتعون ويتلذذون ويبذخون بما يسرقونه من أتعاب العمال وأرزاقهم؛ وهذا هو الخلق الذي لا يحسن أن يكون في شخص يعيش بين الملايين من أمثاله ويجب أن تطارده الهيئات الاجتماعية بكل وسيلة؛ لأنه آفة الاجتماع.
الحاجات والتقدم
حاجات السواد الأعظم منا لا تزال حيوانية صرفة. أكبر علامات المرض عندنا الحمية عن الطعام، فلان لا يأكل ولا يشرب؛ أي أنه بلغ أشد الداء أو أشد الغم، يبكي الطفل فلا يخطر لأمه أن أمرا يبكيه غير الجوع، يحرم أكثرنا أكل الفاكهة وشم الزهور وشهود الحفلات وغشيان الملاعب والمتنزهات؛ لأنها - كما يقولون - لا تسمن ولا تغني من جوع، يكد فلاحنا طول يومه، بل قل طول عمره ليجد ما يمسك رمقه، ثم لا تسمعه يتذمر أو يشكو كما يفعل الفلاحون في الأقطار الأجنبية، لا لأنه يزهد كسقراط أو يتقشف كديوجنس، ولكن لأنه يجهل ما يطلبه بعد حشو معدته ودفء جلده، وإذا سمعته يشكو فقل أن تسمعه يتظلم؛ لأنه لا يحدث نفسه بأن هناك أحدا يظلمه حقا من حقوقه. حاجات ما أخسها لا يمكن أن تقنع العجماوات بما هو أخس منها، فإذا صح أن رقي الأمة إنما يحسب بقدر تعدد مطالب الفرد، فما أبعدنا عن الرقي الحقيقي! وما أبعد الرقي الحقيقي عنا!
الرياء
ما رأيت مرائيا إلا وجدته مغتابا نماما. والجراءة على الناس في غيبتهم كالتزلف إليهم في حضرتهم، كلاهما علامة الجبن والصغار.
الكلام والأوزان
يظهر أن قوالب الجمل وأوزان الكلمات أثبت انتقاشا في الذهن من حروفها؛ فربما نسي الإنسان معنى الكلمة أو حروفها ثم ذكرها بوزنها، وقد يسبقه لسانه فيخلط بين الحروف مع حفظ الأوزان، فإذا كان يريد أن يقول مثلا: وطفقا يخصفان، نطق بها: وخصفا يطفقان، كما نسمعه أحيانا من بعض الحفاظ، ولعل سرعة استظهار الأشعار والكلام المقفى سببه مثل هذا.
ناپیژندل شوی مخ