المعلمة :
القطارات نعم.
ترفض المعلمة كلام التلميذ الثاني على الرغم من صلته الواضحة بالموضوع العام، وذلك استنادا فيما يظهر إلى أنه لا يتفق مع نظام تطوير الموضوع المحدد في النهج الذي تشير عليه المعلمة دون إفصاح ، أي إنها تطلب اسم شكل آخر من أشكال المواصلات. ويتحقق الرفض بأن تحدد المعلمة «موقعها» داخل النهج، ولكن لاحظ أنها تقاطع التلميذ، فيما يظهر، قبل أن ينتهي من كلامه. وهكذا فإن النهج، كما يتضح من نوبتي الحديث الأوليين، لا يقصد إلى تلقي معلومات محددة من التلاميذ وحسب، بل تلقي كلمات أساسية أيضا مثل «التلوث».
ومن الجوانب البارزة في التفاعل بين المعلمين والتلاميذ أن المعلمين يقومون في العادة بتقييم أقوال التلاميذ. فالمعلمة، في هذه الحالة، على سبيل المثال، تقيم استخدام موريس كلمة «تلوث» في أول نوبة حديث لها تقييما إيجابيا. ويتضمن بناء التبادل الثلاثي، أي الذي يتكون من «الابتداء والاستجابة ورد الفعل»، الذي يصف به سنكلير وكولتارد (1975م) خطاب قاعة الدرس، عنصر التقييم المذكور باعتباره جزءا من رد الفعل. ويعتبر مثل هذا التقييم المنهجي لأقوال الآخرين أسلوبا فعالا للرقابة على النهج الموضوع، كما إن استخدامه في قاعة الدرس لا يؤكد سلطة المعلم على التلاميذ وحسب، بل يبين أيضا مدى ما يذهب إليه نهج الممارسة المعتاد في قاعة الدرس من وضع التلاميذ في حالة اختبار أو امتحان، وفي هذا الشكل من أشكال خطاب قاعة الدرس يتعرض كل شيء يقولونه تقريبا للحصول على «درجة» شفوية.
وتوجد طرائق منوعة أخرى لقيام أحد المشاركين في تفاعل ما بفرض الرقابة على أقوال الآخرين، ومن بينها ما يصفه توماس (1988م) بأنه إرغام المتحدث على التعبير الصريح. ومن لا يتمتع بالسلطة قد يلجأ إلى قول ما يحتمل أكثر من وجه من وجوه المعنى، أو إلى الصمت، باعتبار ذلك من آليات الدفاع الكلاسيكية في اللقاءات غير المتكافئة، ويمكن الرد عليه بأن يقدم صاحب السلطة صياغات ترمي إلى إجبار من لا يتمتع بالسلطة على التصريح بالمعنى المقصود، أو إصرار ذي السلطة على أن يعترف من لا يملك السلطة بأنه فهم ما قيل (كأن يقول له: «ألا تفهم هذا؟») (6) الصياغة
تعتبر الصياغة جانبا من جوانب التحكم في التفاعل، وهو الجانب الذي اهتم به محللو المحادثة أكبر اهتمام (انظر هريتدج وواطسون 1979م ). ويصف ساكس الصياغة على النحو التالي: «قد ينظر أحد المشاركين إلى بعض أجزاء المحادثة باعتبارها فرصة لوصف تلك المناقشة، أو شرحها، أو تحديد طبيعتها، أو تفسيرها أو ترجمتها أو تلخيصها، أو تقديم فحواها، أو للإشارة إلى مراعاتها للقواعد أو القول بكسرها للقواعد» (1972م، 338). وباستثناء العبارتين الأخيرتين المرتبطتين بصياغة آليات رقابة مثل تلك التي وصفت في القسم السابق، تشبه الصياغة وفقا لما يقوله ساكس ، شكلا خاصا من أشكال تمثيل الخطاب، حيث يعتبر الخطاب جزءا من التفاعل الجاري لا سابقا عليه. وعلى أية حال فليست الحدود بين التفاعلات الجارية والتفاعلات السابقة واضحة بالصورة التي نتخيلها، فهل تعتبر أن المحادثة التي كنا نشترك فيها قبل مقاطعة مكالمة تليفونية عارضة، أو قبل تناول الغداء، أو في الأسبوع الماضي، تمثل جزءا من مناقشتنا الجارية الآن أم مناقشة مختلفة؟ لا توجد إجابة بسيطة على هذا السؤال.
وكثيرا ما تكون الصياغة شكلا من أشكال الرقابة، على نحو ما توحي به عبارتا ساكس الأخيرتان. فمن الطرائق الفعالة لإرغام من يشاركك الحوار على التخلي عن مراوغته لك أن تقدم إليه صياغتك لما قاله. وفيما يلي مثال مقتطف من مقابلة شخصية تأديبية بين شرطي وأحد كبار ضباط الشرطة (توماس، 1988م):
الضابط :
تقول إنك تحقق في عملك الم... المعايير السليمة. صحيح؟
الشرطي :
ناپیژندل شوی مخ