[133]
ولا يرد من العيوب إلا بما ينقض من الثمن ،فإذا كان العيب لا ينقض شيئا من الثمن : لم يجب به الرد ، وإذا اشترى سلعة فوجد بها عيبا قديما قبل أمد البيع مما ينقض من الثمن ، مما لا يمكن أن يحدث مثله بعد البيع : كان له أن يردها ، إذا كان لم يحدث عنده فيها عيب مفسد أو ما ينقصها نقصانا بينا كثيرا ، فإن /52/ حدث عنده فيها عيب خفيف ، مما ينقصها نقصانا يسيرا ، مثل الحمى الخفيفة في العبد ،أو الرمد أو صرع جسم أو صداع ، أو كي ، أو وجع ليس بمخوف : رده ولا شيء عليه . و؟إن حدث عنده عيب مفسد ، أو ما ينقص السلعة نقصانا كثيرا ، وكان عليه المشتري بالخيار ، بأن يرجع على البائع بما بين الصحة والداء في الثمن ،أو يرد السلعة ويرد بقدر ما حدث عنده من العيب ، إلا أن يشاء البائع أن يأخذ السلعة ، بالعيب الذي حدث بها عند المشتري ويرجع بالثمن فلا يكون للمشتري عند ذلك خيار فى إمساك السلعة ، والرجوع بقدر العيب ، إلا أن يمسك السلعة دون أن يرجع بقدر العيب .
وتفسير رجوع المشتري بالعيب : أن تقوم السلعة يوم اشتراها صحيحة وتقوم بالعيب يوم باعها ، فإن كان العيب سدسها أو خمسها رجع بسدس الثمن ، أو خمسه . وإن أراد أن يرد السلعة قومت بالعيب الذي باعها به يوم اشتراها ، وقومت بالعيب الذي حدث بها لو كان بها يوم اشتراها فإن كان العيب الذي حدث بها سدسها أو خمسها رد سدس ما بقى من الثمن ، أو خمسه بعد ما طرح من الثمن لما أصاب
[133]
[134]
العيب الذي دلس به البائع ، وإذا وجد المشتري عيبا مما يقدم ، ويحدث ولم تقم بينة بقدم العيب ولا بحدوثه ، نظر إلى العيب : فإن كان يعلم مما يخفى : حلف البائع لمبتاع السلعة ، وما يعلم بالعيب فيها ، وإن كان العيب ظاهرا ، مما يرى أنه لا يخفى على البائع ، حلف البائع على التبات لبائع السلعة ، وما بها هذا العيب .فإن نكل عن اليمين ، في الوجهين جميعا : حلف المشتري : وما يعلم هذا العيب حدث عنده ، ثم يرد ، فإن نكل بعد نكول البائع ، لزمت المشتري وقيل : إن البائع يحلف في العيوب فيما يخفى ويظهر على التبات ، فإن نكل حلف المشتري على التبات ، وإذا وجد المشتري عيبا يحدث مثله ، ولا يقدم قبل /53/ الشراء ، فلا قيام له ، إذا وجد عيبا عنده هذا قديما ، وعيبا مما يحدث مثله ، ويقدم حلف المشتري : ما يعلم أنه حدث عنده هذا العيب ثم يرد ويرجع بالثمن ، وإذا اشترى سلعا صفقة واحدة ، فأصاب بعضها عيب ، فإن كانت الذي وجد بها العيب أكثر السلع رد جميع السلع ، أو يلتزمها بالثمن ولا يرجع بشيء ، ومثل أن تكون السلع ثمنها ألف دينار ، وثمن المعيبة منها : سبع مائة دينار ، أو ثمان مائة ، وإن لم تكن المعيبة وجه ما اشترى ، لم يكن له إلا أن يرد المعيبة بما يقع عليها من الثمن ، إلا أن يشاء البائع أن يرد عليه جميع الثمن ويسترجع السلع ، لأن صاحب السلع ، وإنما باع لتحمل بعضها بعضا وإن كان العيب يسيرا جدا فللمشتري أن يرده بما يقع عليه من
[134]
[135]
الثمن ولا خيار للبائع في أن يسترجع جميع السلع ، وكذلك روى يحيى عن ابن القاسم وكلما اشترى مما لا يبلغ علم الناس معرفة العيب فيه لأنه باطن ، ولا يعلم إلا من بعد ان يشق مثل الخشب ، والجوز ، والقثاء وما أشبه ذلك فلا قيام للمشتري في ذلك بالعيب على البائع . وما اشترى فاستغله المشتري ، ثم وجد بها عيبا فرده كانت الغلة للمشتري وما باع بالبراءة : فقد برئ عن عهدة الثلاث وعن عهدة السنة ومن كل بيع لم يعلم به البائع ، ويحلف البائع : أنه ما علم بالعيب .
وبيع البراءة : أن يقول : أبيعك بالبراءة ، وبيع السلطان على المفلس ، وفي الغنائم وما أشبه ذلك : بيع براءة ، وبيع أهل الميراث : بيع براءة ولا يرد في بيع براءة إلا بما علم البائع من العيب .
ورجع مالك عن بيع البراءة ، وعن بيع الميراث ، أن تكون براءة إلا في التافه اليسير ، ثبت على بيع السلطان أنه بيع براءة وقال ليست البراءة إلا في الرقيق ، وأخذ ابن القاسم بقوله الأول في البراءة . ومن باعجارية مرتفعة بالبراءة من
الحمل : لم يجز البيع ، وإن كانت
[135]
[136]
من وخش الرقيق ، ولم يقر البائع بوطئها : جاز البيع .
باب عهدة الثلاث (والسنة) :
وما أصاب العبد ، أو الأمة في عهدة الثلاث من موت أو عيب أو نقصان ، فهو من البائع ، إذا لم يبع بالبراءة ، ولا يعد النهار الذي فيه البيع ، من عهدة الثلاث.
وما أصابهما في عهدة السنة ، من الجنون ، والجذام ، والبرص ، فهو من البائع .
وعهدة السنة بعد عهدة الثلاث ، وعهدة السنة بعد خروج أيام المواضعة ، وقيل : عهدة الثلاث داخله في أيام المواضعة ، وقيل : عهدة الثلاث داخلة في عهدة السنة والمواضعة داخلة في عهدة السنة من يوم وقع البيع .
باب في الصرف :
ولا يجوز الذهب بالفضة ، إلا ناجزا : يدا بيد، فإن كان في ذلك
[136]
[137]
تأخير ، أو حوالة ، أو خيار ، لم يجز .
فإن تصارفا ، وتقابضا ، ثم وجد قابض الدراهم ، فيها درهما زائفا ، فرده انتقص صرف الدينار ، ولا يجوز إن بدل الدينار ، أو الدراهم ، فإن لم يردهما ، ورضيهما ، جاز الصرف ، وكذلك إن وجد في الدنانير ، أو الدراهم ، نقصا ، فرضى بذلك : جاز الصرف ، وكذلك إذا تصارفا ، ثم جاء بعد يومين قابض الدنانير ، ليدفعها إليه صرفا في دراهم ، سواء دراهمه ، وسواء عيونها ، فذلك مكروه ، فإن كان أبعد من ذلك : فلا بأس به .
وإذا تبايعا ذهبا بفضة وسلعة ، فإن كانت الفضة يسيرة ، ولا تبلغ صرف دينار ، تبعا للسلعة : جاز ذلك البيع ، وكذلك الذهب مع السلعة وإن كان العرضان يسيرين والذهب والفضة يسيران ، جاز ذلك كان العرضان يسيرين والذهب والفضة كثيران ، بمثل صرف دينار فأكثر : لم يجز .
وإذا كان السيف محلى بالفضة ، أو المصحف ، أو الحلي ، فكانت الفضة مثل الثلث فأدنى ، جاز أن يشتريها بالفضة ، وبالذهب نقدا فإن كانت الفضة أكثر من الثلث ، لم يشتر ذلك بالفضة ، واشترى بالذهب ، أو بالعرض نقدا ، وإلى أجل فإن كان الحلي فيه الذهب ، والفضة ، فلا يباع بالذهب ولا بالفضة وقيل يباع أقلهما ، وما كان لا يجوز اتخاذه مثل السرج ، المفضض ، وما أشبه ذلك ، فلا يباع بالفضة ، وإن كانت الفضة في ذلك أقل من الثلث /55/ .
[137]
[138]
باب الخيار :
والخيار أربعة أصناف :
فالخيار في الاعقار : الشهر وما أشبهه ، وفي الرقيق : الجمعة وما أشبهها ، وفي الحيوان : اليوم وما أشبه ذلك .
وإن اشترط في الدابة ركوبها البريد ونحوه : جاز ، وفي العروض : اليومين وما أشبه ذلك .
والخيار يورث ، وإن اشترط أجلا بعيدا في الخيار على ما ذكرت كان البيع فاسدا والمصيبة فيه من البائع ، في البيع الفاسد في داخل أيام الخيار . فإن قبض المشتري سلعة حتى يكون الهلاك بعد أيام الخيار وبعد قبض المشتري سلعته ، فتكون المصيبة من المشتري ، بقيمة ذلك عند خروج أيام الخيار ، وما حدث في المبيع في أيام الخيار : في البيع الصحيح من : موت أو عيب أو نقصان أو تلف فذلك من البائع فإن كان المبيع حيوانا وقبضه المشتري وادعى أنه تلف عنده ، قبل خروج أيام الخيار ، كان القول قوله مع يمنيه وكانت المصيبة من البائع . وإن ادعى عطبه وكان بموضع لا يجهل فيه عطبه ، وفيه قوم عدول ، كشفوا عن ذلك .فإن تبين كذبه ، وكان ضامنا ، ولزمه غرم الثمن ، وإن لم يبيين كذبه أو كان بموضع يجهل ، كان القول قوله مع يمنيه ، فإن كان المبيع سوى الحيوان ، فغاب عليه ، فادعى تلفه في أيام الخيار ، فإن أثبت ذلك من غير تفريط معه ، فلا ضمان عليه ، وإن لم يثبت ذلك ضامنا ، ولزمه غرم الثمن الذي اشترى به.
[138]
***
مخ ۴۳