17

Disagreement of the Nation in Worship and the Doctrine of Ahl al-Sunnah wa'l-Jama'ah

خلاف الأمة في العبادات ومذهب أهل السنة والجماعة

پوهندوی

عثمان جمعة خيرية

خپرندوی

دار الفاروق

د چاپ کال

۱۴۱۰ ه.ق

د خپرونکي ځای

الطائف

وفي العبادة ابتلاء واختبار لهذا الإنسان، يتميز فيه المؤمن الطائع من الكافر، وفيه تقوم الحجة على الكافر الذي جحد واستكبر عن عبادة الله تعالى، أو غطّى على عقله وعلّقة عن العمل والفكر، وأقفل قلبه عن الهدى والنور، فرفض عبادة الله تعالى ووقع في عبودية غير الله، ويشير الله تعالى إلى هذا الابتلاء فيقول:

((الذي خلق الموت والحياة لِيُبْلُوَكُمْ أَيُّكم أحسنُ عملاً، وهو العزيزُ الغفور)). [سورة الملك، الآية الثانية].

وانطلاقاً من هذه الفكرة لم تكن العبادة مجرد وسيلة لترقية النفس وتهذيبها وتزكيتها فحسب، بل هي مطلوبة لذاتها، طلب الغايات والمقاصد، لا طلب الأدوات والوسائل. فهي في الدرجة الأولى امتثال لأمر الله تعالى، ووفاء بحقه سبحانه، وهي مطلوبة لذاتها قصداً قبل أي شيء آخر في هذه الحياة.

وفي العبادة تحقيق الإِيمان المؤمن وتعبير عنه، فهي التي تجعل العقيدة نابضة، والإِيمان حياً في النفوس، فيحول هذا الإِيمان إلى قوة دافعة لها أثرها في حياة الإنسان.

ولن يشعر الإنسان بعبوديته لله سبحانه وتعالى ما لم يتجه إليه بالعبادة والخضوع، فهي تعبير عن خضوعه لله تعالى، وهي بذلك موضع فخر واعتزاز، لأنها تحرِّر الإِنسان من رقِّ العبوديات الأخرى، فتجعله - عندئذ - يشعر بالحرية الحقيقية الكاملة، لأنه عرف أن له رباً واحداً، فهو يتجه إليه بالعبادة ويخضع له ويخلص، وبذلك يتحرر من كل عبودية أخرى، يتحرر من عبودية الشيطان وعبودية النفس أو الجاه أو المال أو القيم الاجتماعية والسياسية، كما يتحرر من عبودية الطواغيت بكل معانيها وأشكالها. فإن الإِنسان - بطبيعته وفطرته - لابد أن يكون خاضعاً عابداً، فإن لم يخضع لله خضع لغير الله. ففي العبودية لله سبحانه وتعالى تمام الحرية، وفي التحرر من هذه العبودية تمام العبودية والخنوع.

والمسلم يجد في عبادته لله تعالى غذاء لروحه ونفسه، ويجد سكينة وأنساً، يجد فيها انشراحاً لصدره وتخفيفاً عن كاهله، ويجد فيها زاداً لحياته على طريق

17