وثقل جفناي وانسدلا فوق عيني كأنما سأنام، أو كأنما سأفقد الوعي، لم أكن أعلم حتى تلك اللحظة أن شدة اللذة كشدة الألم يعجز المرء عن حملها فيفقد الوعي.
على أنني لم أفقد الوعي تماما، كنت يقظة أحس الجسم الصغير الناعم فوق صدري، وكان قد بدأ يغمض عينيه كأنما من شدة الشبع وتراخت قبضة فكيه على الحلمة كأنما سينام.
تأملت الملامح الدقيقة المستسلمة للنوم، ملامح مألوفة رأيتها من قبل مئات المرات، آلاف المرات، في المرآة، في صور الحائط، وبالذات تلك الصورة المعلقة في حجرة نومي، صورتي وأنا طفلة نائمة على بطني فوق السرير.
أللمرة الثانية أولد؟ ولمرة ثانية أعيش حياتي وأبدؤها من جديد؟ كبكرة خيط دارت وفرغت ثم امتلأت ب «الماكوك» لتدور من جديد؟
امتد إصبعي يتأكد من ملمس الجسم الصغير، فالتفت الأصابع الخمس الدقيقة حول إصبعي كالخيط الحرير، أصابع صغيرة سمراء بلون أصابعي وأظافرها لها شكل أظافري، لكن أصابعي كبيرة خشنة وعظام ذراعي وساقي كبيرة وضخمة كعظام شخص عجوز غريب.
لم أكن أعرف حتى تلك اللحظة من أين جاء، لم يكن طفلا عاديا له ككل الأطفال أب، لم أعرف له أبا وما حاولت أن أعرفه وما كان في إمكاني أن أعرف لو أنني حاولت، كل ما كنت أعرفه أنني أمه وأنني أطعمه وأكفيه.
وكان هو يكفيني، أنظر في عينيه الواسعتين وأرى من تحت السواد الزرقة اللامعة كسطح البحيرة فلا أكاد أحس بجوع، ولا أرغب في النوم.
أقبض عليه بذراعي فوق صدري، وأخاف أن أنام ثم أصحو في الصباح فإذا به تبخر وضاع كالحلم، فإذا ما سقط جفناي وحدهما فوق عيني أضم ذراعي عليه، وحينما أحسه بينهما يخيل إلي أنه حلم وأخاف أن أفتح عيني فأصحو ويتبدد كل شيء.
لم أكن أتركه وحده، فأضعه في حقيبتي وأذهب به إلى أي مكان، وفي الجريدة أخبئه في الحقيبة داخل الدرج، ومن حين إلى حين أفتح الدرج ثم الحقيبة وأنظر في عينيه، وحينما تطالعني الزرقة الصافية من تحت السواد أقهقه بضحكة عالية.
لم يكن أحد يفطن إلى ضحكتي، كنت أكتمها قبل أن تخرج فإذا خرجت لم يصبح لها صوت، كنت أخاف أن يعرف أحد أنني أضحك فيبحث وينقب، وقد يفتح درجي خلسة ويجد الحقيبة.
ناپیژندل شوی مخ