خیالات او احساساتو تحریر

محمد کامل حجاج d. 1362 AH
155

خیالات او احساساتو تحریر

خواطر الخيال وإملاء الوجدان

ژانرونه

طمحت نفسي لصداقة هذا النابغة فدعوته لتشريفي بمنزلي حتى أجرؤ على زيارته وأطمع في استماع مؤلفاته ومشاهدة اختراعاته التي سمعت عنها أخيرا، ثم ضرب لي موعدا لزيارته بمنزله، وفي هذه الأثناء زفت إلينا الجرائد خبر إنعام الحكومة الفرنسية على نابغتنا هذا بوسام التعليم العام من درجة «أوفسييه» اعترافا بفضله في الموسيقى، وقد سبق أن أنعمت عليه من بضع سنين بوسام الأكاديمية الفرنسية من درجة أوفسييه.

تهللت لهذا النبأ وعظم الرجل في عيني، وطفقت أعد الموعد بالساعات لأتملى بمشاهدته واستماع شائق مؤلفاته وبدائع نفحاته، وأبتهج بالإصغاء لتاريخ حياته الفنية.

ذهبت مع صديقي في الليلة التي حددها لنا فقابلنا بالبشر والإيناس، وبعد تبادل التحية وتناول الشاي رجوت منه أن يشنف أسماعنا بشيء من مؤلفاته، فذهب إلى غرفة مجاورة ثم أقبل يحمل كراسات ضخمة هاجت تطلعي فحملقت إليها حينما وضعها بين يدي، وتفرست في عنوانها فإذا هي «كنعان جوبانلري» أي رعاة كنعان، ثم قرأت تحت العنوان أوبه ره - أوج برده؛ أي أوبرا ذات ثلاثة فصول، فزاد دهشي وابتهاجي وإجلالي لذاته، وتصورت أنني في حضرة فاجنر أو بيتهوفن، ثم تشجعت والتمست منه أن يسمعنا فاتحتها الموسيقية وقطعة من موسيقاها السانفونية وأخرى من أغانيها وأناشيدها ورقصها، فوقعها وكلنا آذان صاغية، فما أحيلى ما سمعناه! وما أحسن ما حوت من بدائع الفن ورشاقة الأسلوب ورقيق العواطف وحماسي الأناشيد.

ولقد أثار في نفسي أماني أخرى وهي أن أرى هذه الأوبرا تمثل أمامي وأسمع ألحانها من أوركستر كبير تام.

ثم قدم لي نسخة من متن الأوبرا، فإذا به مما جادت به قريحة الكاتبة التركية العظيمة «خالدة أديب» وزيرة المعارف التركية السابقة، فغبطته على عطف وحفاوة كاتبة الشرق الكبرى ومؤلفة «قميص من نار»، والموضوع يشمل قصة سيدنا يوسف عليه السلام مع إخوته وعزيز مصر وامرأته.

رجوت من نابغتنا أن يحدثني عن تاريخ حياته الفنية وتأليفه ومشروعاته، فقام وأحضر لي عدة شهادات من جميع أساتذة الكونسرفاتوار، وفي طليعتهم المسيو لافنياك مدير الكونسرفاتوار بباريس، وكان من أعظم المعجبين به، وقد أهداه صورته الفوتوغرافية ثم انبرى يحدثنا عما طلبناه.

ولد في عام 1876 وسافر إلى باريس لأول مرة في سنة 1892، ثم انتظم في سلك طلبة الكونسرفاتوار سنة 1893 فتلقى علم الأرموني على المسيو لافنياك كبير أساتذة الكونسرفاتوار، وفن الأركستر على المسيو فيدال، وفن التأليف والتلحين على المسيو لوتوفو، والغناء على المسيو جيروديه والمسيو أوجيز، والبيانو على المسيو رونان، وتاريخ الموسيقى على المسيو بورجوا دوكودريه، والأرغن على المسيو جيمار.

ولقد مكث في المعهد الموسيقي لغاية سنة 1902 حتى انتخبته كنيسة سانت إيسبري موقعا للأرغن، واستمر في هذه الوظيفة حتى عام 1910، إذ قدم استقالته وسافر إلى الآستانة ليقدم نشيده الوطني العثماني إلى مجلس المبعوثان، فصادق عليه بأغلبية الأصوات، وأعطوا له صورة من محضر الجلسة بتوقيع الأعضاء، وأرسل إليه جلالة السلطان محمد رشاد خطاب تهنئة، واستدعاه رئيس مجلس المبعوثان أحمد رضا بك وهنأه باسم جميع أعضاء المجلس، وفي هذه السنة نفسها أقامت البحرية التركية احتفالا فخما لمساعدة الأسطول العثماني حضره أكثر من ستة آلاف من طلبة المدارس والقوى البرية والبحرية في الآستانة، فأنشدت كل هذه الجموع النشيد الوطني الذي لحنه نابغتنا، وكانت أصواتهم المصحوبة بالموسيقات البرية والبحرية تشق الجو كالرعد القاصف، وقد قدر المشاهدون بنحو ثلاثين ألفا ، ونشر هذا النشيد في سنة 1910 بملحق الأنسيكلوبيدي لاروس الشهري عند الكلام على كلمة «تركيا».

ذهب الأستاذ إلى سوريا سنة 1911 وأسس بها دار الموسيقى، وقد خصص لها محل «بلييل» الشهير بباريس جائزة سنوية؛ وهي بيانو من صنعه تمنح إلى أنجب التلاميذ الذي يحرز قصب السبق في مضمار الامتحان.

وفي عام 1917 طلبت أستاذنا حكومة الآستانة لإنشاء مدرسة موسيقية في وزارة البحرية.

ناپیژندل شوی مخ