خواطر حمار
خواطر حمار: مذكرات فلسفية وأخلاقية على لسان حمار
ژانرونه
فأكد صاحب المزرعة أنني قد سرقني لص، وأنني كنت بغير شك بهيما بليدا لأنني تركت اللص يسرقني، ثم ربط إلى العربة فرسا من خيوله وذهب إلى السوق وهو مغتاظ.
ولما رأيت أن كل واحد قد ذهب إلى عمله وأنه لم يعد يراني أحد إذا خرجت من مكمني، رفعت رأسي باحتراس ونظرت فيما حولي، فلما تيقنت أنني وحدي ذهبت وجريت إلى الطرف الآخر من المرج لكيلا يعرف أحد مكان اختفائي، وبدأت أنهق نهيقا عاليا بكل قوتي.
وجرى على أثر هذه الضجة سكان المزرعة.
فصاح الراعي: ها هو قد رجع.
فقالت سيدتي: من أين عاد الآن؟
فقال العربجي: من الجهة التي كان غائبا فيها.
ولفرحي من تخلصي من السوق تقدمت إليهم، فاستقبلوني استقبالا حسنا ولاطفوني، وقالوا إنني حمار طيب لأنني تخلصت من أيدي اللصوص الذين كانوا في زعمهم سرقوني، وبالغوا في مدحي حتى خجلت لأنني في الحقيقة كنت أستحق الضرب لا الملاطفة.
وتركوني أرعى في المرج بهدوء وراحة، فأمضيت يوما سعيدا لولا ما كان ينغصه علي من وخز الضمير بأنني أتعبت في ذلك اليوم سيدتي.
ولما عاد صاحب المزرعة وأخبروه بعودتي ارتاح واطمأن ولكنه كان في ريب مني، وفي اليوم التالي طاف حول المرج وتفقد بكل عناية الفتحات في جوانب الزريبة، وحين انتهى قال: إن هذا الحمار يكون نحيفا جدا إذا استطاع أن يخرج من بين فتحات الحيطان، فإنني سددت كل فتحة بالحطب والقش حتى إنه صار من المتعذر أن تمر من تلك الفتحات قطة.
ومضى الأسبوع وهم لا يفتكرون فيما كان من غيابي يوم السوق، ولكنني في يوم السوق التالي عدت إلى تمثيل ذلك الدور الماكر، واختبأت في تلك الحفرة متعبا كثيرا وخائفا جدا.
ناپیژندل شوی مخ