مصر هذه ... هي التي ستبقى
مجلة الإذاعة والتليفزيون
العدد: 2136
21 فبراير 1976
على ضفاف نهرنا ولدت الحضارة وازدهرت أديان السماء، وبقيت في أبناء هذه الضفاف شمخة الماضي، ترتفع بهم عن أي حقد، وتسمو بهم عن أي صعاب، وتمر الأيام وتحاول أن تطحن عزيمتنا فنطحنها نحن بابتسامة على فمنا نلقى بها الحياة، وكأننا نرى في وجه الحياة ابتسامة لا تخبو.
ونحن أبناء هذا الوادي لا نبيت إلا وشعاع من التفاؤل ينساب في نفوسنا، ترى الفتى منا فقيرا مهزولا معدما مهلهل الثياب، ولكنه غني النفس يملأ الدنيا غناء وطربا كأن الدنيا ملك له، بل إن الدنيا كلها لا تعنيه، وفيم يعنى بها وهو يعلم أن الآخرة خير له من الأولى وأن سوف يعطيه ربه فيرضى؟
نرى السعادة في كل شيء، فإن لم نرها صنعناها بنفوسنا من إشراقة شمس، من ندى على وردة، من حنين كروان، من زقزقة عصفور، من اخضرار شجرة، من جمال غصن، من دعاء نخلة مشرئبة إلى السماء، من ظل سحابة في صيف، من دفء شعاع في شتاء، من نسمة طيبة في قيظ، من لقاء صديق، من تحية ود، من غروب شمس، فيه أريج الغيب وفيه وعد بلقاء الغد.
ثم ننام.
وننسى ما كان في يومنا واثقين أن اليوم القادم خير من اليوم الماضي، وأن الحياة لا تستطيع أن تحمل لنا بين طوايا غيبها إلا الحب؛ لأننا في أعماق أعماقنا لا نعرف إلا الحب.
إن تكن مرت علينا سنوات بدت فيها منا كشرة أو كراهية للعالم حولنا، فالسنوات قد مرت ولم يبق إلا الأصيل من طباعنا الذي عبرنا به الأجيال إلى الأجيال.
ناپیژندل شوی مخ