الأحزاب؟
مجلة الإذاعة والتليفزيون
العدد: 2124
29 نوفمبر 1975
لا أحسب أن اللجنة المركزية أو الاتحاد الاشتراكي جهة صالحة لإعطاء الرأي في المنابر التي قد تتكون، فواضح منذ الوهلة الأولى أن هذه المنابر قد تجتذب كثيرا من الفاعلية لا يتمتع بها الاتحاد الاشتراكي، والقول بأن المنابر تتكون في ظل الاتحاد الاشتراكي قول قد يجد الكثير من الجهد ليقتنع به أحد، فكل منبر من هذه المنابر سيضم نفس الفئات التي تكون الاتحاد الاشتراكي، وهذه الفئات التي تكون الاتحاد الاشتراكي هي في حقيقة الأمر المكونات الطبيعية لأي تجمع سياسي، فكل فئة منها لا تصلح بذاتها أن تكون تجمعا سياسيا، مهما يكن الاسم الذي سيطلقه على نفسه هذا التجمع، ولا أعتقد أن هناك مرجعا غير الشعب ليدلي برأيه فوق هذه المنابر.
وإن ذهاب السيد رئيس الجمهورية إلى اجتماع اللجنة المركزية دون إخطار سابق، هو في ذاته إشعار أنه يريد رأي الشعب، لا رأيا آخر، وفي اعتقادي أن الرأي الذي أدلى به السيد الرئيس عن هذه المنابر، أدلى به كفرد من أفراد الشعب لا كرئيس للجمهورية، وكأنما أراد الرئيس أن يضرب المثل من نفسه للشعب جميعا أن يدلي برأيه.
وقد حرص الرئيس منذ فترة أن يطرح أمر الديمقراطية على الشعب، وهو يعلم مسبقا أن الاتحاد الاشتراكي سيكون معارضا لأي صيغة للديمقراطية، ولهذا لم يكن رأيه وحده كافيا، بل كانت تستدعى فئات أخرى لتدلي برأيها.
والحقيقة أن صاحب المصلحة لا رأي له، والذين استفادوا من الفترة السابقة فائدة مادية شخصية هم إنما يدافعون عن البقايا الهزيلة من الفوائد الضارية التي جنوها من غياب الديمقراطية، وهم حين ينزلون بعناصر تكوينهم إلى الشعب سيدرك الشعب عن أي منطلق يصدرون؛ لأن المفروض في هذه المنابر أن تقوم حول أفكار واضحة جلية، فلا يكون الأساس فيها أشخاصا أو مصالح.
ولهذا من العبث، بل من المضحك أن يظن أحد أن الكلام عن الأحزاب معناه عودة الأحزاب القديمة، بينما هذه الأحزاب لا تستطيع العودة حتى لو سمح لها أن تعود، وما عليك إلا أن تلقي نظرة سريعة إلى أهمها لتعرف إلى أي مدى تستحيل العودة لهذه الأحزاب.
فحزب الوفد تكون ليفاوض الإنجليز، واسمه الوفد لأنه كان موفدا لهذه المفاوضة، ولم يعد هناك إنجليز، ولم تعد هناك مفاوضة.
ناپیژندل شوی مخ