[جمع الترمذي بين وصفي الحسن والصحة للحديث الواحد]:
وقد استشكل قول الترمذي في جامعه كأئمة حفاظ سبقوه لذلك: هذا حديث حسن صحيح، حيث جمع بين هذين الوصفين المتنافيين، فإن الحسن قاصر عن الصحيح، ففي الجمع بين الوصفين إثبات لذلك القصور ونفيه.
وقد أجيب عنه بنحو ستة أجوبة: أحسنها ما أجاب به شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر في شرح النخبة، وهو أن المجتهد تارة يقول ذلك؛ للتردد الحاصل عنده في الناقل هل اجتمعت فيه شروط الصحة أو قصر عنها إذا حصل التفرد بتلك الرواية؟
ومحصله: أن تردد الأئمة في حال ناقله اقتضى لذلك المجتهد أن لا يصفه بأحد الوصفين فقط فيقول فيه حسن باعتبار وصفه عند قوم، صحيح باعتبار وصفه عند آخرين، وغاية ما فيه أنه حذف ما فيه حرف التردد؛ لأن حقه أن يقول: حسن أو صحيح، وهذا كما حذف حرف العطف من الذي بعده.
وعلى هذا فما قيل فيه: حسن صحيح، دون ما قيل فيه: صحيح؛ لأن الجزم أقوى من التردد، وتارة يقول ذلك إذا لم يحصل التفرد، فإطلاق الوصفين حينئذ يكون باعتبار إسنادين: أحدهما صحيح والآخر حسن، وعلى هذا فما قيل فيه: حسن صحيح، فوق ما قيل فيه: صحيح فقط إذا كان فردا؛ لأن كثرة الطرق تقوي.
قال شيخ الإسلام: فإن قيل قد صرح الترمذي بأن شرط الحسن أن يروى من غير وجه، فكيف يقول في بعض الأحاديث: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه؟
مخ ۶۶