قلت: فقوله: { وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة } [الأعراف: 22]؟
قال: إنما كانا في الجنة في ظلها، وتحت أشجارها، فلما خرجا منها وأصابتهما الشمس بحرها، ورمض الأرض، فأرادا أن يجعلا لهما موضعا يكون لهما فيه ظلال كما يفعله من خرج من منزله في سفر، ومن بيته إلى غيره من البوادي وغيرها، فلا يجد ظلا ولا مسكنا، فلا يجد بدا من أن يعرش عريشا يكنه ويستره من الحر، ويقيه من شدة البرد، فهذا معنى قوله يخصفان.
قلت: فالجنة التي كانا فيها أفي السماء كانت أم في الأرض؟
قال: هي جنة من جنان الدنيا، والعرب تسمي ما كان ذا أثمار وأنهار جنة.
قلت: فقوله:{ اهبطوا منها جميعا } [البقرة: 38]؟
قال : ذلك جايز في لغة العرب، ألا ترى أنك تقول: هبطنا نجران، وهبطنا اليمن، ونريد أن نهبط الحجاز، فلما كان ذلك معروفا في اللغة جاز أن يقول اهبطوا منها.
وسألته عن قول الله تبارك وتعالى: { فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه } [البقرة: 37]: ما الكلمات التي تلقاها آدم من ربه؟
قال: قد اختلف فيها، والصحيح عندنا أن الكلمات هو ما كان الله تبارك وتعالى قد أعلمه بخلق من سيخلقه من ذرية آدم ونسله، وأنه سيكون منهم مطيع ومنهم عاص باختيارهم، وأنه سبحانه يقبل التوبة من تائبهم إذا تاب وأصلح وأخلص التوبة وراجع، فلما كان منه ما كان من أكل الشجرة ذكر ما كان الله قد أعلمه من القبول للتوبة، فقالا: { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } [الأعراف: 23]، فهذه الكلمات التي تلقاها آدم من ربه صلوات الله عليه.
مخ ۶۰۶