قصة يوسف عليه الصلاة والسلام
وسألته: عن قول الله سبحانه في يوسف صلى الله عليه من قوله: { ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه } [يوسف: 24]، كيف كان همها به وكيف هم بها؟
فقال كان همها هي: هم شهوة ومراودة، وكان همه هو بها: هم طباع النفس والتركيب. ألا ترى أنك إذا رأيت شيئا حسنا أعجبك وحسن في عينك، وإن لم تهم به لتظلمه، وتأخذه غصبا من أهله. وكذلك إذا رأيت طعاما طيبا، أو لباسا حسنا أعجبك، وتمنيت أن يكون لك مثله، وأنت لا تريد بإعجابك به أخذه ولا أكله، إلا على أحل ما يكون وأطيبه، ولم ترد بقولك إنك تأكله أو تلبسه أو تنكحه إلا حلالا.
قلت: بلى.
قال: فكذلك كان هم يوسف صلى الله عليه في زوجة الملك.
قلت: قد سمعنا بعض الرواة يذكر أنه منع يوسف عليه السلام من إتيانها أنه رأى يعقوب صلى الله عليه كأنه يزجره عنها ويخوفه.
قال: قد قيل فيه شبيه من ذلك، وليس القول فيه كذلك، وحاشا الله أن ينسب ذلك إلى نبيء الله.
قلت: فقد كان يروى لنا ذلك بين الملأ، ونتحدث به في المساجد.
قال: قد ذكر ذلك جل الله وتعالى عن كل ما يقول فيه الملحدون، وينسب إليه الضالون. وليس قولهم هذا في أنبياء الله وروايتهم الكاذبة عليهم بأعظم من كذبهم وجرأتهم على الله سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا. ألا ترى كيف شبهوه بالأشياء من خلقه، وجعلوه جسما ذا أعضاء وأجزاء مختلفة، فتعالى عن ذلك من ليس كمثله شيء.
ولقد ناظرت رجلا ممن ينتحل التشبيه فألزمته أن يقول إن الله مخلوق أو ينفي عنه التشبيه، فاختار أن يجعله مخلوقا، وكره أن ينفي عنه التشبيه، فهذا أعظم الأمور وأقبح الأقاويل كلها.
قلت: فالبرهان الذي رآه يوسف صلى الله عليه ما هو؟
مخ ۶۱۴