لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَيْبَرًا قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ إِنَّا أَرْبَابُ الأَمْوَالِ وَنَحْنُ أَعْلَمُ بِهَا مِنْكُمْ فَعَامِلُونَا بِهَا؛ فَعَامَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى النِّصْفِ عَلَى أَنَّا إِذَا شِئْنَا أَنْ نُخْرِجَكُمْ أَخْرَجْنَاكُمْ؛ فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ أَهْلُ خَيْبَرَ سَمِعَ بِذَلِكَ أَهْلُ فَدَكٍ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُحَيِّصَةَ بْنِ مَسْعُودٍ فَنَزَلُوا عَلَى مَا نَزَلَ عَلَيْهِ أَهْلُ خَيْبَرَ عَلَى أَنْ يَصُونَهُمْ وَيَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ، فَأَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى مِثْلِ مُعَامَلَةِ أَهْلِ خَيْبَرَ؛ فَكَانَتْ فَدَكُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ١؛ وَذَلِكَ أَنَّه لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلا رِكَابٍ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ مُقْسِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ ﵄ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ افْتَتَحَ خَيْبَرَ فَقَالَ لَهُ أَهْلُهَا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِعَمَلِهَا مِنْكُمْ فَأَعْطَاهُمْ إِيَّاهَا بِالنِّصْفِ، ثُمَّ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ يُقَسِّمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَأَهْدَوْا إِلَيْهِ فَرَدَّ هَدِيَّتَهُمْ، وَقَالَ: لَمْ يَبْعَثْنِي النَّبِيُّ ﷺ لأَكْلِ أَمْوَالِكُمْ؛ وَإِنَّمَا بَعَثَنِي لأَقْسِمَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنْ شِئْتُمْ عَمِلْتُ وَعَالَجْتُ وَكِلْتُ لَكُمُ النِّصْفَ وَإِنْ شِئْتُمْ عَمِلْتُمْ وعالجتم وكلتم لنا النّصْف؛ فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَامَ عُمَرُ خَطِيبًا فَقَالَ: قَالَ: النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّا صَالَحْنَا أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى أَنْ نُخْرِجَهُمْ مَتَى أَرَدْنَا وَأَنَّهُمْ عَدَوْا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَعَ عَدْوِهِمْ عَلَى الْأَنْصَارِيِّ قَبْلِهِ فَلا نَعْلَمُ لنا، ثمَّ [هُنَاكَ] عَدُوًّا غَيْرَهُمْ؛ فَمَنْ كَانَ لَهُ بِخَيْبَرَ مَالٌ فَلْيَلْحَقْ بِهِ فَإِنِّي مخرجهم.
القَوْل فِي القطائع وَأَرْض الْعشْر:
قَالَ ابو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى: فَأَما القطائع فَمَا كَانَ مِنْهَا سَيِّحًا فَعَلَى الْعُشْرِ وَمَا سُقِيَ مِنْهَا بِالدَّلْوِ وَالْغَرْبِ وَالسَّانِيَةِ فَعَلَى نِصْفِ الْعُشْرِ لِمُؤَنَةِ الدَّالِيَةِ وَالْغَرْبِ وَالسَّانِيَةِ٢.
وَإِنَّمَا الْعُشْرُ وَالصَّدَقَةِ فِي الثِّمَارِ وَالْحَرْثِ مِنْ أَرْضِ الْعُشْرِ فَمَا جَاءَتْ بِهِ الآثَارُ وَالسُّنَّةُ الْعشْر من ذَلِك مَا سُقِيَ سَيْحًا وَنِصْفُ الْعُشْرِ على مَا سُقِيَ بِالْغَرْبِ وَالدَّالِيَةِ وَالسَّانِيَةِ؛ فَهَذَا الْمجمع عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ عُلَمَائِنَا وَمَا جَاءَتْ بِهِ الآثَارُ، وَلَسْتُ أَرَى الْعُشْرَ إِلا عَلَى مَا يَبْقَى فِي أَيْدِي النَّاسِ، لَيْسَ عَلَى الْخُضَرِ الَّتِي لَا بَقَاءَ لَهَا وَلا عَلَى الأَعْلافِ وَلا عَلَى الْحَطَبِ عُشْرٌ، وَالَّذِي لَا يَبْقَى فِي أَيْدِي النَّاس هُوَ مثل البطيح والقثاء
_________
١ أَي لم يكن للْمُسلمين فِيهَا نصيب.
٢ فَالْأول مَا سقِي بالراحة وَالْبَاقِي أَن يسقى بالآلة.
1 / 62