لَا يَطِيبُ السُّلْطَانُ نَفْسًا بِتَرْكِ مَا يَسْتَفْضِلُ أَهْلُ الْخَرَاجِ مِنْ ذَلِكَ، وَالرُّخْصُ وَالْغَلاءُ بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَقُومَانِ عَلَى أَمْرٍ وَاحِد.
وَظِيفَة الدَّرَاهِم:
وَكَذَلِكَ وَظِيفَةُ الدَّرَاهِمِ مَعَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ تَدْخُلُ فِي ذَلِكَ تَفْسِيرُهَا يَطُولُ، وَلَيْسَ لِلرِّخَصِ وَالْغَلاءِ حَدٌّ يُعْرَفُ وَلا يُقَامُ عَلَيْهِ؛ إِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ مِنَ السَّمَاءِ لَا يُدْرَى كَيْفَ هُوَ. وَلَيْسَ الرُّخْصُ مِنْ كَثْرَةِ الطَّعَامِ وَلا غَلاؤُهُ مِنْ قِلَّتِهِ؛ إِنَّمَا ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ وَقَضَاؤُهُ، وَقَدْ يَكُونُ الطَّعَامُ كَثِيرًا غَالِيًا، وَقَدْ يَكُونُ قَلِيلا رخيصا.
القَوْل فِي التسعير:
قَالَ أَبُو يُوسُف: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ أَنَّ السِّعْرَ غَلا فِي زَمَنِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ النَّاسُ لِرَسُولِ اللَّهِ: إِنَّ السِّعْرَ قَدْ غَلا فَوَظِّفْ وَظِيفَة نقوم عَلَيْهَا. "إِنَّ الرُّخْصَ وَالْغَلاءَ بِيَدِ اللَّهِ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَجُوزَ أَمْرَ الله وقضاءه".
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَحَدَّثَنِي ثَابِتٌ أَبُو حَمْزَةَ الْيَمَانِيُّ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ. قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ النَّاسُ: الرَّسُول اللَّهِ ﷺ: إِنَّ السِّعْرَ قَدْ غَلا؛ فَسَعِّرْ لَنَا سِعْرًا. فَقَالَ "إِنَّ السِّعَر غَلاؤُهُ وَرُخْصُهُ بِيَدِ اللَّهِ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ لأَحَدٍ عِنْدِي مَظْلَمَةٌ يَطْلُبُنِي بِهَا".
قَالَ: وَحَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: غَلا السِّعْرُ عَلَى عَهْد رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ فَقَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا تُسَعِّرْ لَنَا؟ فَقَالَ ﷺ: "إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْقَابِضُ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْبَاسِطُ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أُعْطِيكُمْ شَيْئًا وَلا أَمْنَعُكُمُوهُ، وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا خَازِنٌ أَضَعُ هَذَا الأَمْرَ حَيْثُ أُمِرْتُ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ يَطْلُبُنِي بِمَظْلَمَةٍ ظَلَمْتُهَا إِيَّاهُ فِي نَفْسٍ وَلا دم وَلَا مَال".
مَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْل الْخَرَاجِ فِيمَا بَينهم:
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَأَمَّا مَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْل الْخراج فِيمَا بَينهم؛ فَلَا بُد لِهَاتَيْنِ الطَّبَقَتَيْنِ مِنْ مِسَاحَةٍ أَوْ طِرَادَةٍ. وَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ غَلَبَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْقُوَّةِ أَهْلَ الضَّعْفِ، وَاسْتَأْثَرُوا بِهِ وَحَمَلُوا الْخَرَاجَ عَلَى غَيْرِ أَهْلِهِ وَعَلَى الإِنْكَارِ مَعَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ تَدْخُلُ فِي ذَلِكَ لَوْلَا أَن تطول لفسترها؛ وَلَكِنِّي قَدْ بَيَّنْتُ لَكَ مِنْ ذَلِكَ مَا أَرْجُو أَنْ يُكْتَفَى بِهِ فِي جبابة الْخراج والعشور
1 / 60