ابْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْفُتُوحُ وَجَاءَتِ الأَمْوَالُ قَالَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَأَى فِي هَذَا الْمَالِ رَأْيًا وَلِي فِيهِ رَأْيٌ آخَرُ، لَا أَجْعَلُ مَنْ قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَمَنْ قَاتَلَ مَعَهُ.
فَفَرَضَ للمهاجرين وَالأَنْصَارِ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا خَمْسَةَ آلافٍ خَمْسَةَ آلافٍ، وَفَرَضَ لِمَنْ كَانَ إِسْلامُهُ كَإِسْلامِ أَهْلِ بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا أَرْبَعَةَ آلافٍ أَرْبَعَةَ آلافٍ، وَفَرَضَ لأَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ اثْنَيْ عشر ألفا اثْنَي عشر ألفا إِلا صَفِيَّةَ وَجُوَيْرِيَةَ؛ فَإِنَّهُ فَرَضَ لَهما سِتَّةَ آلافٍ سِتَةَ آلافٍ؛ فَأَبَيَا أَنْ يَقْبَلا؛ فَقَالَ لَهُمَا: إِنَّمَا فرضت لَهُنَّ لِلْهِجْرَةِ. فَقَالَتَا: لَا إِنَّمَا فَرَضْتَ لَهُنَّ لِمَكَانِهِنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَكَانَ لَنَا مِثْلُهُ؛ فَعَرَفَ ذَلِكَ عُمَرُ فَفرض لَهَا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا.
وَفَرَضَ لِلْعَبَّاسِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَفَرَضَ لأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَرْبَعَةَ آلافٍ، وَفَرَضَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -ابْنِهِ- ثَلاثَةَ آلافٍ؛ فَقَالَ: يَا أَبَتِ، لِمَ زِدْتَهُ عَلَيَّ أَلْفًا١، مَا كَانَ لأَبِيهِ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَمْ يَكُنْ لأَبِي، وَمَا كَانَ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ لِي، فَقَالَ: إِنَّ أَبَا أُسَامَةَ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ أَبِيكَ، وَكَانَ أُسَامَةُ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْكَ، وَفَرَضَ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ خَمْسَةَ آلافٍ خَمْسَةَ آلافٍ، أَلْحَقَهُمَا بِأَبِيهِمَا لِمَكَانِهِمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
وَفَرَضَ لأَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ أَلْفَيْنِ أَلْفَيْنِ؛ فَمَرَّ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ: زِيدُوهُ أَلْفًا، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ: مَا كَانَ لأَبِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ لآبَائِنَا، وَمَا كَانَ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَنَا. فَقَالَ: إِنِّي فَرَضْتُ لَهُ بِأَبِيهِ أَبِي سَلَمَةَ أَلْفَيْنِ وَزِدْتُهُ بِأُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ٢ أَلْفًا، فَإِنْ كَانَ لَكَ أُمٌّ مِثْلَ أُمِّ سَلَمَةَ زِدْتُكَ أَلْفًا.
وَفَرَضَ لأَهْلِ مَكَّةَ وَالنَّاسِ ثَمَانِمِائَةٍ ثَمَانِمِائَةٍ؛ فَجَاءَ طَلْحَة بن عَبدِي اللَّهِ بِأَخِيهِ عُثْمَانَ فَفَرَضَ لَهُ ثَمَانِمِائَةٍ فَمَرَّ بِهِ النَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ فَقَالَ عُمَرُ: افْرِضُوا لَهُ أَلْفَيْنِ. فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ: جِئْتُكَ بِمِثْلِهِ فَفَرَضْتَ لَهُ ثَمَانِمِائَةٍ وَفَرَضْتَ لِهَذَا أَلْفَيْنِ. فَقَالَ: إِنَّ أَبَا هَذَا لَقِيَنِي يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فَقُلْتُ: مَا أُرَاهُ إِلا قَدْ قُتِلَ. فَسَلَّ سَيْفَهُ وَكَسَرَ غِمْدَهُ، وَقَالَ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ قُتِلَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَأَبُو هَذَا يَرْعَى الشَّاءَ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا. فَعمل عمر بِهَذَا مُدَّة خِلَافَته.
_________
١ لم يَقُولُوا ذَلِك طَمَعا فِي المَال؛ وَإِنَّمَا خَافُوا أَن يقلل ذَلِك من شرفهم فِي الْإِسْلَام -رَضِي الله عَن صحابة رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أجعين.
٢ إِذْ كَانَت زوجا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَكَانَ ابْنهَا ربيبه.
1 / 54