وصاح كثيرون: هو الذي داسه. - لم أمسه، كنت شاهدا فحسب.
وعادت الضجة، فصاح الضابط: الكلام بنظام.
وسأله: هل رأيت الحادث وهو يقع؟ - كلا، عندما التفت إلى مصدر الصرخة، رأيت الدراجة تحت العجلة. - ولكن كيف وقع تحتها؟ - لا أدري. - وماذا فعلت؟ - أوقفت السيارة لأرى ما حل به وما يمكن عمله، وأردت اللحاق بالسيارة، ولكني رأيتهم يجرون نحوي بالعصي والأحجار، فاضطررت إلى تهديدهم بمسدسي. - هل تحمل رخصة؟ - نعم، إني صراف بالسويس وكثير السفر.
والتفت نحو الفلاحين متسائلا: لماذا تتهمونه؟
فاستبقوا هاتفين: رأيناه بأعيننا، ومنعناه من الهرب.
فقال الشاب حانقا: كاذبون، لم يروا شيئا.
أمر الضابط جنديا بحراسة المكان، وآخر بإبلاغ النيابة، ثم مضى بالجميع إلى النقطة لكتابة المحضر، وأصر علي موسى على أقواله كما أصر الفلاحون على أقوالهم، وجعل علي يردد بأن التحقيق سيكشف عن الحقيقة. وعرف أن الضحية اسمه عياد الجعفري، وهو تاجر متنقل، وله معاملات متبادلة مع أكثر الفلاحين. وتساءل علي موسى: ما الذي يدعوني إلى الوقوف لو كنت حقا الجاني؟
فقال الضابط ببرود: ليس المفروض أن تدهس وتهرب.
ولبث الجميع ينتظرون، جلس الفلاحون القرفصاء، وجلس علي موسى على كرسي بإذن من الضابط، ومر الوقت ثقيلا كئيبا غليظا، وبانتهاء المحضر تناساهم الضابط ولم يعد يعنيه من الأمر شيء، وراح يتسلى بقراءة الصحف. ولماذا يصر الفلاحون على اتهامه؟ والأدهى أنهم مطمئنون بشهادتهم كأنهم حقا صادقون. هل خدع البصر؟ هل فسر أحدهم الموقف بما يحدث عادة، لا بما حدث بالفعل، ثم تبعه الآخرون بغريزة عمياء؟ آه .. لا أمل إلا في نجاة عياد الجعفري، هو قبل أي إنسان آخر الذي يستطيع أن يوقظه من الكابوس بكلمة واحدة.
وقال علي موسى للضابط برقة ورجاء: أيمكن الاطمئنان على حال المصاب؟
ناپیژندل شوی مخ