الدرس الخالد
جدير بالضباط أن يدرسوا حركات خالد بن الوليد في حروب الردة، أو في فتح العراق، أو فتح سورية، ومن الواضح أنهم سيطلعون على الأسس القويمة التي كان يسير عليها ويرون فيها تنفيذ مبادئ الحرب التي لا تزال مرعية حتى يومنا هذا.
خالد القائد
يعد خالد بن الوليد من أكبر قادة العرب في عهد الفتوح الأولى، وهو بلا منازع من أفذاذ الرجال الذين حالفهم النصر وأيدهم الظفر في المعامع والحروب بلا استثناء.
ولم يذكر قط له التاريخ وقفة خسر فيها المعركة وهو قائدها، حتى في معركة مؤتة التي وقعت في السنة الثانية للهجرة في شرقي الأردن بين الطفيلة والكرك، أنقذ خالد المسلمين ببطولته وإقدامه، برغم تفوق الأعداء الأكيد وموت الذين تولوا القيادة على التعاقب عملا بوصايا الرسول.
وفي غزوة أحد كان خالد يقود خيالة قريش، فبقي في الميمنة يشاغل ربيئة المسلمين الموفدة لحماية الميسرة بالهجوم عليها من حين إلى آخر، ويراقب سير القتال بين المسلمين وقريش، إلى أن رأى ربيئة المسلمين تركت موضعها وسارعت للاشتراك في الغنيمة، فهجم بخيالته ملتفا وراء المسلمين، وقاطعا عليهم خط الرجعة، فقلب نصر المسلمين إلى انكسار انتهى إلى انهزام المسلمين وجرح الرسول.
قلنا: من الوقائع التي اشترك فيها خالد بن الوليد في عهد إشراكه وإسلامه، أن تلك الوقائع جميعا انتهت إلى النصر المبين، ومما لا شك فيه أن خالدا من أقدر قواد العرب على القيادة، فجدير بالضباط أن يدرسوا حركاته في حروب الردة، أو في فتح العراق، أو فتح سورية، ومن الواضح أنهم سيطلعون على الأسس القويمة التي كان يسير عليها ويرون فيها تنفيذ مبادئ الحرب التي لا تزال مرعية حتى يومنا هذا.
ولقد قال خالد قبل وفاته إنه شهد مائة زحف أو زهاءها، وما في بدنه موضع شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة، ولا نبالغ إذا قلنا إنه خرج من تلك الزحوف بأجمعها غالبا منصورا. (1) مصادر البحث
من العسير جدا البحث في أخبار الفتوح الأولى بحثا يمكننا من الاطلاع على الخطط العسكرية والأسباب التي أدت إلى وضعها والنتائج التي أسفرت عنها الحركات؛ ذلك لأن القصاصين أو مدوني السير والمغازي أو مؤرخي الفتوح ليسوا من أبناء الجيل الفاتح؛ فقد دونوا الأخبار بالسماع أو نقلا بالإسناد، وقد نراهم غير متفقين في تدوينهم الأخبار على التاريخ والمكان اللذين وقعت فيهما المعركة، ولا على مقدار القوة التي اشتركت فيها، ومن المعارك ما لم يتفق المؤرخون على زمن وقوعها، والحقيقة أن التاريخ العسكري يثبت المعارك التي جرت قبل الميلاد بمقدماتها ونتائجها وتفاصيلها، وقد يستخرج منها الباحث الأسس الحربية دون عناء.
فالمعارك التي نشبت بين الجيش المكدوني بقيادة الإسكندر والجيش الفارسي في نهاية القرن الرابع قبل الميلاد، تم تدوينها بصورة أقرب إلى الصحة من الوقائع التي نحن بصددها.
ناپیژندل شوی مخ