جان منارډ کینز: لنډه مقدمه

عبد الرحمن مجدي d. 1450 AH
22

جان منارډ کینز: لنډه مقدمه

جون مينارد كينز: مقدمة قصيرة جدا

ژانرونه

بدأ كينز وروبرتسون بالإقرار بأن تضخم الائتمان أو انكماشه هو السبب الوحيد الذي يمكنه أن يبعد مسار الاستثمار عن الادخار الاختياري. وقد خصص روبرتسون معظم كتابه «السياسة النقدية ومستوى الأسعار» - بكل مصطلحاته الغريبة - ليبين كيف أن الصور المختلفة للإنفاق والادخار القسريين يمكن أن تحدث نتيجة العمليات الائتمانية. وتضمن ذلك فكرة أن التضخم المؤقت يوجد صندوق استثمار من خلال «إجبار» الناس على تقليل الاستهلاك؛ ومن ثم زيادة «الادخار». وأعيد اكتشاف فكرة «الادخار القسري» الشهيرة، التي طرحها لأول مرة توماس جوبلن بعد الحروب النابليونية، بعد ملاحظة الطريقة التي «صادرت» بها الحكومة دخول مواطنيها دون فرض ضرائب عليها خلال الحرب العالمية الأولى؛ إذ تقتطع الحكومة بالأساس جزءا من الناتج القومي عن طريق إنفاق كمية إضافية من النقود الجديدة المصدرة بناء على رغبتها من خلال النظام المصرفي. ويؤدي هذا الإنفاق إلى رفع مستوى الأسعار العام (حيث تؤدي إلى زيادة الطلب في ضوء مستويات الأسعار السابقة) وتجد العناصر الفاعلة الاقتصادية الخاصة نفسها في حاجة (أو رغبة) للاحتفاظ بالنقود الجديدة المصدرة بدلا من إنفاقها؛ لأن ارتفاع مستوى الأسعار يتطلب أرصدة نقدية اسمية أكبر تتناسب مع حجم المبادلات الفعلية. وستؤدي محاولات الحكومة لتكرار تلك العملية إلى الدخول في دوامة تضخمية متسارعة في ظل توقع العناصر الفاعلة الاقتصادية الخاصة أهداف الحكومة، ومحاولة التصدي لها من خلال تعديل معدل إنفاقها.

اتخذ كتاب كينز الجديد هذا المسار، لكنه تركه في النهاية. وكتب يشرح الأمر لروبرتسون في عام 1931:

في أثناء تأليفك كتاب «السياسة النقدية ومستوى الأسعار» ومناقشتنا له، رأى كل منا أن التفاوت بين الادخار والاستثمار - بما حمله هذان المصطلحان من غموض وقتها - لم يكن إلا نتيجة لما يمكن تسميته الدفع باتجاه التضخم أو الانكماش من قبل النظام المصرفي. وقد تبنيت تلك الفكرة لوقت طويل، وتوصلت في النهاية إلى أنها غير صحيحة؛ فنتيجة لظهور تعريفات أوضح، في رأيي، للادخار والاستثمار، وجدت أن تلك الظواهر البارزة يمكن أن تحدث من دون أي فعل صريح من جانب النظام المصرفي.

لقد تحدث روبرتسون عن أن المدخرات إما أن يتم استثمارها أو تجميعها. لكن كينز أكد على اختيار ثالث؛ وهو ألا تستثمر المدخرات ولا تجمع، بل تستخدم لشراء أصول قائمة. وبذلك يمكن للادخار أن «يسبق» الاستثمار (والذي يعني شراء تجهيزات رأسمالية «جديدة») من دون إبطاء السرعة الكلية للدوران. وتأثرت تلك الفكرة بسوق المضاربة الصاعدة بسوق نيويورك للأوراق المالية فيما بين عامي 1927 و1929. وبات كينز لا يؤمن بقدرة صيغة «التبادلات» لنظرية كمية النقود على تفسير التقلبات الاقتصادية على المدى القصير. فلم يكن إجمالي المبادلات في فترة ما هو الشيء المهم بالنسبة لنسب التوظيف، بل كان المهم هو ما إذا كان الدخل النقدي ينفق على الناتج الحالي أم لا.

كما تأثر كينز في تمييزه بين «الاستثمار الأجنبي» و«الإقراض الأجنبي» في «بحث في النقود» باشتراكه في الجدل الدائر حول التعويضات الألمانية؛ إذ إن إقراض المدخرات البريطانية، والتي لا يتم استثمارها محليا، للخارج لم يكن يعني أن كل المدخرات يتم استثمارها؛ لأن أي محاولة لزيادة الإقراض للخارج بسعر صرف ثابت بشكل يفوق الفائض التصديري لبريطانيا ستؤدي إلى استنزاف الذهب، وتجبر على رفع سعر الفائدة البنكية في الداخل. وسيؤدي ذلك إلى انخفاض معدل الاستثمار المحلي بمقدار يساوي الزيادة في الإقراض الأجنبي عن فائض الحساب الجاري.

لقد كان كينز وروبرتسون يحاولان - دون تحقيق نجاح كبير - دمج تحليل الادخار والاستثمار في نظرية النقود بدلا من الإبقاء على الفصل الموجود بينهما، والذي كان يميز المدرسة الكلاسيكية أو مدرسة نظرية كمية النقود.

حاج على نحو مقنع بيتر كلارك في كتابه «الثورة الكينزية في طور التكوين» (1988) بأن نشر «بحث في النقود» تأجل وتغير ما فيه من تحليل بسبب الحاجة لأن يطلع كينز على ما يسمى ب «رؤية وزارة الخزانة»، التي ظهرت في عامي 1928 و1929، لدحض خطة لويد جورج لعلاج البطالة من خلال برنامج المشروعات العامة الممولة بالقروض. وكان صاحب تلك الرؤية سيئة السمعة هو رالف هوتري؛ فقد قال هوتري في مقال نشر في دورية «إيكونوميكا» في مارس 1925 إنه في ظل ثبات المعروض من النقود، «سيزاحم» أي قرض حكومي للمشروعات العامة (بلغتنا اليوم) قدرا مكافئا من الإنفاق الخاص. فلا يمكن زيادة نسبة التوظيف إلا بزيادة الائتمان؛ أي بالاقتراض من البنوك. لكن زيادة الائتمان كانت أهم من المشروعات العامة التي أدانها هوتري بوصفها «إحدى العادات الموروثة». وبدأت وزارة الخزانة منذ أواخر عام 1928 سيرا على، نهج هوتري، تدعي أن «ما كان يقصده كينز بالطبع هو تضخم محدد في الائتمان»، وهو ما لم يتماش مع الإبقاء على معيار الذهب. وأملي رئيس الوزراء ستانلي بولدوين هذه الكلمات: «علينا إما أن نأخذ النقود الحالية أو نصدر نقودا جديدة.» ومع استبعاد الخيار الثاني بسبب معيار الذهب، اكتسبت فكرة المزاحمة أرضية أكبر. ولم يكن كينز وقتها قد أعد تحليله الخاص بدالة الاستهلاك/المضاعف ليدحض تلك الفكرة، وحتى لو أعده وطرحه وقتها لأصبحت القابلية لتطبيقه في ظل غياب النقود الرخيصة محل شك.

اتخذ كينز خطوة تجاه إعداد هذا التحليل في عمله «هل يمكن للويد جورج أن ينجح؟» الذي كتبه بالاشتراك مع هوبرت هيندرسون في مايو 1929. ورد كينز على مزاعم «رؤية وزارة الخزانة» بأنه لا توجد مدخرات كافية لتمويل أي استثمار «إضافي» بأن تلك المزاعم افترضت التوظيف الكامل لكل الموارد؛ فقد تضمنت الموارد غير المستخدمة المدخرات غير المستغلة بسبب «التطلع إلى الرخاء». وكانت تلك طريقة غريبة في عرض المسألة. لكن الفكرة التي طرحها كينز - بلغة عمله «بحث في النقود» - هي أن الخسائر الناتجة عن الركود تسببت في انخفاض المدخرات القومية عن مستواها في حالة جني أصحاب المشروعات لأرباح «طبيعية». وكان مضمون ذلك هو أن أي سياسة (بما في ذلك برنامج المشروعات العامة الممولة بالقروض) تنجح في استعادة مستويات الدخول «الطبيعية» ستولد المدخرات المطلوبة لتمويل الاستثمار .

وبالتوازي مع ذلك، لن تقتصر آثار زيادة الإنفاق الحكومي لزيادة نسبة التوظيف على من يتم تشغيلهم في المشروعات الحكومية فحسب ؛ ففي مقابل كل رجل يعمل في مد طريق أو بناء منزل، هناك على الأقل رجل آخر سيجد عملا لإمداده بالمواد الضرورية. وعلاوة على ذلك ستنتج القوة الشرائية الإضافية «قوة تراكمية» تحرك النشاط الاقتصادي؛ مما يجعل آثار التوظيف لأي إنفاق رأسمالي معين أوسع بكثير من الآثار المباشرة وغير المباشرة المشار إليها بالأعلى، رغم أنه «لا يمكن قياس آثار من هذا النوع على أي نحو دقيق.» وكان «مضاعف التوظيف» الذي طرحه ريتشارد كان عام 1931 محاولة لقياس تلك الآثار «التراكمية».

إن المنظور الأكثر مباشرة لتحليل الناتج والتوظيف الذي أفرزه هجوم كينز على «رؤية وزارة الخزانة» في عام 1929 جعل معظم ما ورد في كتاب «بحث في النقود» مجرد إسهاب - من وجهة نظر كينز - حينما نشر في أكتوبر عام 1930. ومع ذلك فقد كان كتابا غنيا بالفهم المؤسسي للأسواق المالية والنقدية، وببعض الأسس النظرية وببعض الأفكار النظرية الفضفاضة التي اتخذها كينز لاحقا نقطة انطلاق له.

ناپیژندل شوی مخ