247

د کوثر بهیر ته لاریون

الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري

پوهندوی

الشيخ أحمد عزو عناية

خپرندوی

دار إحياء التراث العربي

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ژانرونه

اللَّهِ إِلَّا كَنَقْرَةِ هَذَا العُصْفُورِ فِي البَحْرِ، فَعَمَدَ الخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ، فَنَزَعَهُ، فَقَالَ مُوسَى: قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا؟ قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا؟ قَالَ: لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا - فَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا -، فَانْطَلَقَا، فَإِذَا غُلاَمٌ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الخَضِرُ بِرَأْسِهِ مِنْ أَعْلاَهُ فَاقْتَلَعَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ مُوسَى: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ؟ ــ الله إلا كنقرة هذا العصفور من هذا البحر). فإن قلتَ: ما فائدة هذا الخبر إذ موسى كان عالمًا به أيضًا؟ قلتُ: أراد به لازمَ الخبر وهو إعلام موسى بعلمه، أو أراد الإشارة إلى عِظم علم الله، وهو نوعٌ من الذكر وملاحظة جلال الله تعالى. فإن قلت: نسبةُ النقرة إلى البحر نسبة المتناهي إلى المتناهي، ونسبةُ علمهم إلى علمه تعالى نسبةُ المتناهي إلى غير المتناهي. وأيضًا: النقص في علمه مستحيل؟ قلتُ: هذا الكلام ليس على ظاهره بل نوع تقريب إلى الفهم، إذ لا يوجد أعظم من البحر، ولا أقل من نقرة العصفور، فلا تشبيه حقيقةً، ولا نقص هناك وقيل: أراد بالعلم المعلومَ، وهذا لا يدفع الإشكال؛ لأن معلوماته تعالى أيضًا غير متناهية. وقيل: هو من قبيل قول الشاعر: ولا عيبَ فيهم غيرَ أن سيوفهم ... بهن فلولٌ من قراع الكتائب أي: لو كان يمكن النقص في علمه تعالى، لكان مثل هذه النقرة من البحر، وهذا معنى حَسَنٌ، إلا أنَّه بعيدٌ عن هذا الأسلوب، وأحسنُ ما يقال: إن النقص أُريدَ به الأخذ مجازًا إطلاقًا للمسبب على السبب. ومحصله: أخذي وأخذُك من علم الله يُشبهُ نُقرةَ العصفور في القلة. (فقال موسى: قومٌ حملونا بعْير نوْلٍ) -بفتح النون وسكون الواو- أي: من غير أُجرة، وأصلُ النول العطاءُ (عمدتَ إلى سفينتهم) -بفتح الميم- أي: قصدتَ (لتغرق أهلها) اللام للعاقبة لا للغرض؛ إذ يبعُدُ منه قصدُ ذلك، وفي بعضها: فلتغرق، فالفاء للتأكيد (﴿وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾ [الكهف: ٧٣])، أي: لا تُحَملني المشقةَ في باب التعلم؛ فإن النسيان لا يؤاخذ به (فإذا غلامٌ مع الغلمان، فأخذ الخضر برأسه من أعلاه فاقتلعه).

1 / 254