بل يمكن أيضا ألا يكون إلا صورة واحدة للكل كما كان يؤكده أنكسيمندروس وأنكسيمين؛ إذ يؤيدان: أحدهما أن الكل هو من الماء، والآخر وهو أنكسيمين أن الكل إنما هو من الهواء.
21
وإنما هذه هي أيضا نظرية جميع من يفهمون على هذا النحو «الكل» كوحدة، وذلك إنما هو تبعا لأن «الواحد» يتغير بالصور أو بعدد أكبر أو أصغر، وتبعا لأنه رقيق قليلا أو كثيرا أو لأنه سميك، أن الأشياء مهما كانت متعددة ولامتناهية تتوالد، وحينئذ «الواحد» مع بقائه هو هو يكون بقية الأشياء ويشكلها.
22
أما ديمقريطس فإنه من ناحيته يقول على السواء إن الماء والهواء وكل واحد من الأشياء المختلفة هكذا هي متحدة، وإنه لا فرق بينها إلا في المجرى والتماس والاتجاه. وما المانع أيضا - في هذا الفرض - من أن الأشياء المتكثرة تتولد وتنعدم ما دام «الواحد» يتغير أبدا من الموجود إلى الموجود بالفروق التي ذكرت من غير أن «الكل» في مجموعه يصير بذلك أبدا لا أصغر ولا أكبر؟
23
وفوق هذا ماذا يمنع أن أجسامنا متعددة كما يشاء تتولد من أجسام أخر وتتحلل إلى أجسام أخر أيضا، بحيث تكون دائما على كمية متساوية في تحللها وبحيث إنها تنعدم من جديد.
24
لكن حتى مع التسليم بهذا والتسليم بأنه يوجد شيء غير مخلوق، فماذا يزيد هذا في إثبات أن الموجود هو لامتناه؟ على رأي ميليسوس الموجود لامتناه إذا هو يوجد وألا يكون قد ولد ألبتة؛ لأن الحدود على رأيه هي هنا بداية الكون ونهايته. غير أن الموجود مع أنه غير مخلوق ألا يمكن أن يكون له حدود أخرى غير المذكورة آنفا؟ فإذا كان اللامتناهي قد خلق فلا بد من أن يكون له على رأي ميليسوس هذه البداية التي منها يخرج ليكون.
25
ناپیژندل شوی مخ