لأعضاء وضوئه» فهذا يبين مراده ﷺ بقوله «لا وضوء لمن لم يسم» وأي قرينة أعظم من تصريح المتكلم بمراده فكان قوله هذا نظير قوله «لا إيمان لمن لا أمانة له» وغير ذلك مما هو أكبر من أن يحصي مع أن حمل الرواية على حقيقة معناها الظاهر يوجب تخصيص الآية الذي هو في حكم النسخ وليس ذلك إلى خبر الواحد (١) وإنما ذهب إسحاق إلى فساد الوضوء بترك التسمية لما فيه من رفض الفريضة وأما إذا نسى أو تأول كما ذهب إليه من لم يوجب التسمية فإنما أجزأه عنده لأن اختلاف العلماء يورث تخفيفًا مع أن قوله ﷺ «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان» محمول عند هؤلاء على أجزاء الفعل وصحته إذا ترك شيئًا من الأركان بنسيانه.
[قوله أحسن شيء إلخ] هذا الحسن إضافي فلا ينافي قول أحمد «لا أعلم» في هذا الباب حديثًا له إسناد جيد إذ المراد بالجودة بلوغه مرتبة الصحة.
[قوله إذا توضأت فانتثر وإذا استجمرت فأوتر] أمران اقتضيا وجوبًا لأنه أصل فيه وعارض الثاني فعله ﷺ المار ذكره عن قريب، والأول إطلاق الآية فوجب حملهما على الاستحباب ولا يمكن حمل فعله ﷺ في رواية ابن عمر على الخصوصية لعدم الضرورة إلى ذلك مع أن تنقية الموضع ليس أمرًا يختص به، هذا ما أخترنا، وأما الآخرون (٢) فمنهم من ذهب إلى وجوب المضمضة والاستنشاق
_________
(١) لا سيما إذا كان ضعيفًا فقد تقدم عن أحمد أنه قال: لا أعلم في هذا الباب حديثًا صحيحًا، وأما حديث الباب فقال الدارقطني: اختلف فيه، ثم ذكر الاضطراب فيه، حكاه الحافظ في التلخيص، وذكر عن أبي حاتم وأبي زرعة أنهما قالا، إن الحديث ليس بصحيح، أبو ثفال ورباح مجهولان، وقال ابن القطان: الحديث ضعيف جدًا، وقال البزار: أبو ثفال مشهور ورياح وجدته لا نعلمهما رويًا إلا هذا الحديث، ولا حدث عن رياح إلا أبو ثفال فالخبر من جهة النقل لا يثبت، انتهى.
(٢) قال ابن العربي اختلف الفقهاء في المضمضة والاستنشاق في الطهر على أربعة أقوال: الأول أنهما سنتان في الطهارتين قاله مالك والشافعي والأوزاعي وربيعة، الثاني أنهما واجبتان فيهما قاله أحمد وإسحاق، الثالث: أن الاستنشاق واجب والمضمضة سنة، قاله أبو ثور، الرابع أنهما واجبتان في الغسل سنتان في الوضوء قاله الثوري وأبو حنيفة.
1 / 59