[باب ما جاء إذا استيقظ أحدكم إلخ]
ومن لطائف هذا الباب أن الترجمة مشتملة على لفظ الحديث (١) ثم إن الأصل عندنا كون الحكم معللًا كما مر ومن ثم لم تكن القيود معتبرة في النصوص فكرهت أئمة الأحناف إدخال اليد في الماء وغيره من المائعات من المستيقظ والقائل والمغمي عليه وغيره من كل من لا يشعر بحاله حتى يعلم طهارة يده من نجاستها (٢) ومع هذا كله فلو أدخل أحد من المذكورين يده في الماء لم يفسد الماء للشك في النجاسة والطهارة كانت مستيقنًا بها قبل النوم ولا يزول الأمر اليقيني إلا بيقين مثله (٣) والشافعي ﵀ متفق معنا في هذا كله ومعنى قوله كرهت له ذلك أنه أتى بما يكره وفعل ما كان الأليق به تركه لا أن الماء صار مكروهًا، وأما أحمد (٤) بن حنبل فلما لم يكن من دأبه تعليل الأحكام
_________
(١) فإن مسلمًا وغيره أخرجوه بنحوه.
(٢) هذا هو المشهور في سبب الحديث فالمنقول عن الإمام الشافعي وغيره أنهم كانوا يستنجون بالأحجار والبلاد حارة فإذا نام أحدهم عرق فلا يأمن النائم أن تطوف يده على ذلك الموضع النجس، انتهى، فعلم أن العلة الشك في النجاسة فمتى وقع الشك ليلًا أو نهارًا أو وقع الشك بدون النوم كره غمسها كما قاله النووي، وقال الباجي في سبب الحديث الأظهر ما ذهب إليه شيوخنا العراقيون من المالكيين وغيرهم أن النائم لا يكاد أن يسلم من حك جسده وموضع بثرة في بدنه ومس رفغه وإبطه وغير ذلك من مغابن جسده ومواضع عرقه فاستحب له غسل اليد تنظفًا وتنزهًا كما في أوجز المسالك إلى موطأ مالك.
(٣) كما سيأتي قريبًا من مذاهب الأئمة مختصرًا والبسط في شروح البخاري من الفتح والعيني.
(٤) قال ابن قدامة في المغنى: غسل اليدين ليس بواجب عند غير القيام من النوم بغير خلاف نعلمه، أما عند القيام من نوم الليل فروى عن أحمد وجوبه وهو الظاهر عنه وروى عنه أنه مستحب وليس بواجب وبه قال مالك والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي ولا تختلف الرواية في أنه لا يجب غسلها من نوم النهار، وسوى الحسن في نوم الليل ونوم النهار فإن غمس يده في الماء فعلى قول من لم يوجب غسلها لا يؤثر غمسها شيئًا ومن أوجبه قال: إن كان الماء كثيرًا لم يؤثر أيضًا وإن كان يسيرًا فقال أحمد أعجب إلى أن يهريق، وقال الحسن: تجب إراقته، انتهى ملخص ما في الأوجز.
1 / 56