وقد عنى بشرحه والتعليق عليه كبار المحدثين في عصور مختلفة، ذكر أسماءهم الحاج خليفة جلبي صاحب «كشف الظنون» والعلامة المحدث عبد الرحمن المباركفوري صاحب «مقدمة تحفة الأحوذي» وجاءت هذه الأسماء في المقدمة التي تلي هذا التقديم، وكان منهم علماء الهند في عصور وبلاد مختلفة، استقصى أسماءهم وأسماء كتبهم وتعليقاتهم صاحب (١) كتاب «الثقافة الإسلامية في الهند» وكان ذلك هو المتوقع واللائق بعلو درجة هذا الكتاب وأهميته، وتعرضه للمذاهب الفقهية، والأحاديث المؤيدة لها، الدالة عليها، أو الناقضة لها، وحلوله المكان الأول في المناهج الدراسية، وحلقات التدريس للحديث الشريف.
وكان علماء المذهب الحنفي من أحوج علماء المذاهب، والمشتغلين بعلم الحديث بالاعتناء بهذا الكتاب الجليل، لاشتماله على مجموعة كبيرة من أحاديث الأحكام، وما يستدل به أهل المذاهب في إثبات مذاهبهم، وما ذهبوا إليه من قديم الزمان، ولاعتماد كثير من مخالفيهم على ما أخرجه الترمذي، وما نقله من مذاهب الفقهاء فكان هذا الكتاب جديرًا كل الجدارة باعتنائهم به، وعكوفهم على شرحه، والاستدلال على صحة مذهبهم، وقوته في ضوء الحديث الصحيح، وبيان أدلة مذهبهم. ووجوه استنباطها على أساس ما صح من الأحاديث، واحتوت عليه دواوين السنة، وذلك شيء طبيعي، فإن جامع الترمذي هو أقوى الكتب الستة اتصالًا بالمذاهب الفقهية وأدلتها، وترجيح بعضها على بعض، فما يمكن التغاضي عنه لمحدث أو مدرس للحديث الشريف يعمل بالمذهب الحنفي.
ولكن من الغريب أن علماء المذهب الحنفي، والمشتغلين منهم بعلم الحديث لم يخلفوا آثارًا كثيرة في هذا الموضوع، وكل ما عثرنا عليه مما كتب بالعربية، شرح عليه للشيخ طيب بن أبي الطيب السندي من رجال آخر القرن العاشر الهجري، وشرح لأبي الحسن بن عبد الهادي السندي المدني (م ١١٣٩ هـ) وجل ما أثر عن علماء الهند- وهم حملة راية الدفاع عن المذهب الحنفي، والجامعين بين الحديث
_________
(١) هو العلامة السيد عبد الحي الحسني صاحب «نزهة الخواطر» المتوفي ١٣٤١ هـ.
1 / 5