همته مصروفة إلى ذلك ثم إن الأمر في قوله وأن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار بإتمام الثلاث أمر استحباب (١) وليس لتوكيد وإيجاب فيجزئ الأقل إذا أنقى الموضع وكذلك لزم الزيادة عليها إذا لم ينق بها غير أن الغالب لما كان حصول الأنقاء بالثلاثة اقتصر على ذكر هذا العدد وهذا هو المراد بقول الفقهاء ليس فيه عدد مسنون أي مؤكد بحيث لا يجوز الزيادة عليه أو النقص عنه ويدل على جواز الزيادة والنقصان رواية ابن عمر الآتية (٢) بعد فإنه لما طلب ثلاثة وأتى بها وكانت فيها روثة فألقاها ولم يأمره بإحضار ثالثة (٣).
_________
(١) لما ورد من قوله ﷺ من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ولأن ظاهر قوله ﷺ أن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار متروك الظاهر إجماعًا إذ قالت الشافعية وغيرهم لو استنجى بحجر له ثلاثة أحرف جاز ولأن قوله ﷺ في حديث عائشة فليذهب معه بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه مشير إلى أن المقصود الأنقاء وهذا العدد يكفي في الأجزاء غالبًا ولذا أمر بها المستيقظ من منامه وليس التثليث هناك واجبًا بالإجماع، وكذا أمر بها المتوضئ في غسل أعضائه وليس بواجب وغير ذلك ولذا ذهب إلى الاستحباب داؤد مع ظاهريته.
(٢) هذا سبقه قلم فإن الرواية الآتية لابن مسعود لا لابن عمر ولعله انتقل الذهن من لفظ عبد الله في الحديث الآتي إلى ابن عمر وكان ابن مسعود.
(٣) كما أقر الطحاوي وهو إمام الحديث وما أورد عليه الحافظ من زيادة قوله ائتني بحجر تعقبه العينى وتكلم على هذه الزيادة وإليه يظهر ميل الترمذي إذ بوب على الحديث الاستنجاء بالحجرين فكأنه لم يثبت عنده الأخذ بالثالث وإلا لا يصح تبويبه ولم يصح عند ابن العربي فقال: وفي حديث عبد الله أنه أخذ الحجرين وألقى الروثة ولم يأمر بالإتيان بعوض منها، قال العيني: وقد قال أبو الحسن بن القصار المالكي روى أنه أتاه بثالث لكن لا يصح ولو صح فالاستدلال به لمن لا يشترط الثلاثة قائم لأنه اقتصر في الموضعين (أي البول والغائط) على ثلاثة فحصل لكل منهما أقل من ثلاثة وقول ابن حزم هذا باطل لأن النص ورد في الاستنجاء ومسح البول لا يسمى استنجاء باطل على ما لا يخفى، انتهى.
1 / 47