لم تكن نسبته إلينا مما يعد نقصًا وذنبًا حتى يستغفر منه فإن اشتغال القلب بذكر الله تعالى طاعة لا تدري حقيقتها إلا أنه إذا نسب إلى ذلك الجناب عد بالنسبة إليه ذنبًا ونقصًا فإن الاكتفاء بذكر القلب لمن يداوم على الذكر اللساني والقلبي معًا يكون نقصانًا أو السبب في استغفاره ﷺ إذ ذاك أن المتغوط إذا تفكر فيما خرج منه وعلم تقذره توقف بذلك على أقذار باطنه وتنجس قلبه بالقاذورات النفسانية والنجاسات الشهوانية فاستغفر منها أو السبب فيه أن المرأ إذا تفكر في بروز هذه النجاسة منه وهو مضطر إلى ذلك تنبه على صدور الآثام منه من غير أن يكون له علم بعض منها لكثرة الغفلة وقلة التيقظ وأن استحالة الغذاء إلى مثل هذه الكيفية في مقدار من الوقت المعلوم وهو غير كثير نبهه على خبثه وتلطخه بالأنجاس فاستغفر مما هو فيه من هذا القبيل، قلت: ومنه كل ما هو له حتى إن وجوده كذلك أيضًا، وأيًا ما كان فضيعه ﵊ هذا كان تعليمًا لأمته المرحومة، والله تعالى أعلم.
[قوله إلا من حديث إسرائيل إلخ] يعني قد تفرد في أخذ هذا الحديث عن يوسف فلو أخذه معه غيره لم يبق غريبًا وأشار بقوله أبو بردة بن أبي موسى إلخ إلى اسم الراوي قصدًا واسم أبيه وجده تبعًا واستطرادًا لتضمنه فائدة جديدة (١).
_________
(١) ولا يذهب عليك أنه واقع في مبدأ السند شتى من التحريف فإنه ليس في الرواة أحد اسمه محمد بن حميد بن إسماعيل، وما في النسخ المصرية في محله حدثنا محمد بن إسماعيل نا حميد نا مالك بن إسماعيل، الحديث أيضًا خلاف الظاهر فالظاهر أن المراد بمحمد بن إسماعيل البخاري، ولفظ حميد مقحم ويؤيد ذلك ما قال الشيخ عثمان وهبي في الدر الغالي بعد ذكر رواية الباب عن عائشة، وكذا رواه البخاري في الأدب المفرد، وعنه رواه الترمذي ووهم ابن سيد الناس حيث قال هو أبو إسماعيل الترمذي، انتهى.
1 / 39