عن زيد بن أرقم، وقال معمر عن قتادة عن النضر بن أنس عن أبيه، فأما دفعه عن البخاري فأما مقصور على أولهما ولم يذكر الثاني لأنهما يندفعان معًا بجواب واحد فقياس الثاني على الأول ويحتمل أنه لم يحضر له جواب عنه والضمير على هذا عائد إلى القاسم وزيد، وإما عام بحيث يشمل الجواب عن الاضطرابين معًا بإرجاع الضمير إلى زيد والنضر، وحاصل الجواب على ذلك أن قتادة يحتمل أن يروي عنهما أي عن زيد بن أرقم وعن النضر بن أنس، والنضر يروي عن أبيه، وعن زيد فالمعنى أن قتادة يروي عن زيد بواسطة القاسم لكنه يرسل وإرسال الثقة مقبول ما لم يعلم أنه مدلس فصار المعنى أن قتادة يحتمل أن يكون هذا الحديث عن زيد وعن النضر سواء كان روايته عن زيد بواسطة القاسم أو بلا واسطة، وسواء كانت روايته عن النضر عن أبيه أو عن النضر عن زيد هذا (١) والله تعالى أعلم.
_________
(١) أعلم أن المشايخ في اختلفوا تقرير الاضطراب ودفعه بكلام البخاري على أقاويل كثيرة، والأوجه عندي أن الاضطراب ههنا بثلاثة وجوه، الأول في الواسطة بين قتادة والصحابي وعدمها، والثاني في تعيين الصحابي أيهم هو، والثالث في تعيين الواسطة هل هي القاسم أو النضر، وحمل كلام البخاري محتمل على كل واحد من هذه الثلاثة كما يظهر من كلام الشيخ -نور الله مرقده- وإن كان الحمل على بعضها أقرب من بعض آخر، والظاهر عندي حمله على دفع الاضطراب الثالث فقط، وذلك لأن الاضطرابين الأولين ليسا مما يحتاج لدفعهما إلى جواب فإن رواية قتادة عن زيد بلا واسطة مرسلة ظاهر الإرسال لا يخفي على من مارس كتب الرجال فإن عامة روايات قتادة عن الصحابة مرسلة وقد ذكر الحافظ في تهذيبه جماعات من الصحابة وغيرهم الذين أرسل عنهم قتادة، وقال الحاكم في علوم الحديث لم يسمع قتادة عن صحابي غير أنس وذكر ابن أبي حاتم عن أحمد بن حنبل مثل ذلك.
قلت: لا سيما عن زيد فظاهر الإرسال فإن ولادة قتادة سنة ٦١ هـ ووفاة زيد مختلف من سنة ٦٥ إلى سنة ٦٨ ولذا قال محمد الأشبيلي في حديث الباب كما حكاه العيتي واختلف في إسناده والذي أسنده ثقة، انتهى، فعلم أن من أسقط الواسطة فروايته مرسلة ولذا لم يحتج إلى دفعه، وهكذا الاضطراب الثاني في تعيين الصحابي، فأيضًا كان مدفوعًا ظاهرًا إذ قال البيهقي قال الإمام أحمد: قيل عن معمر عن قتادة عن النضر بن أنس عن أنس وهم فلم إلا الاحتمال الثالث فدفعه باحتمال السماع عنهما أي القاسم والنضر ويؤيده ما قال العيني: سأل الترمذي عن البخاري عن هذا الاضطراب فقال لعل قتادة سمعه من القاسم بن عوف والنضر بن أنس، وحكى البيهقي قال أبو عيسى قلت لمحمد يعني البخاري أي الروايات عندك أصح فقال لعل قتادة سمع منهما جميعًا عن زيد بن أرقم، انتهى.
1 / 37