طرقه حسن والأخرى صحيح وبأن الحسن والصحة كلاهما للغير، والضعيف يترقى إلى درجة الحسن بتعدد طرقه كما أن الحسن بتعدد أسانيده يصحح فيمكن كونه حسنًا صحيحًا معًا إذا كان الحسن والصحة كلاهما لغيره لا لنفسه أو كان الحسن لنفسه والصحة لغيره وبأن الحسن والصحة ههنا أريد بهما المعنى اللغوي لا الاصطلاحي أو الصحة اصطلاحية دون الحسن أو بالعكس، ولا يخفى ما فيه من البعد أما أولًا فلأن الكلام على هذا لا يجدي بعائدة ولا يأتي بفائدة فإن الرواية لا يخفي كونها حسنًا وصحيحًا كيف وهو من كلام خير البشر بل من وحي خالق القوى والقدر وأما ثانيًا فلأن المراد لو كان ذلك لأطلق لفظ الحسن أو الصحيح على الروايات الغريبة بل الضعيفة أيضًا مع أنه لم ينقل من أحدهم وأما ثالثًا فلأن التزام ترك الاصطلاح من غير ضرورة إليه أمر ينفر عنه القلب السليم ويشمئز منه الفهم المستقيم (١).
[وفي الباب إلخ] يعني بذلك أن الرواية (٢) قد بلغت بحسب المعنى حد
_________
(١) ثم لا يذهب عليك أن قولهم أصح شيء في الباب كذا وهذا يوجد في جامع الترمذي كثيرًا، وفي تاريخ البخاري وغيرهما قال النووي في الأذكار لا يلزم من هذه العبارة صحة الحديث فإنهم يقولون هذا أصح ما جاء في الباب وإن كان ضعيفًا ومرادهم أرجحه وأقله ضعفًا، كذا في التدريب.
(٢) قال السيوطي في التدريب: إن الترمذي في الجامع حيث يقول: وفي الباب عن فلان وفلان فإنه لا يريد ذلك الحديث المعين بل يريد أحاديث أخر يصح أن تكتب في الباب، قال العراقي: وهو عمل صحيح إلا أن كثيرًا من الناس يفهمون من ذلك أن من سمى من الصحابة يروون ذلك الحديث بعينه وليس كذلك بل قد يكون كذلك وقد يكون حديث آخر يصح إيراده في ذلك الباب، انتهى.
1 / 31