وفي جامعة نيويورك وجامعة نيوجيرسي وغيرهما من الجامعات الأمريكية ترتفع الأصوات الطلابية في المظاهرات ضد الحرب وسياسة جورج بوش (الابن): «إن الحكومة في واشنطن تبدد الأموال التي تجمعها من الضرائب، والتي ندفعها من عرقنا ودمنا في تشجيع الفتن الدينية، خلقت في أفغانستان خلال عشرة أعوام أجيالا من الشباب المتعطشين للدماء تحت ستار الإسلام.»
وتسهم الأمم المتحدة عن طريق منظماتها «اليونيسيف» في صرف هذه الكتب والمعونات التعليمية، تحت اسم المساعدات الإنسانية للشعوب الفقيرة لتقوية الروح الدينية لدى الأطفال والتلاميذ.
وقد خصصت الحكومة الأمريكية 296 مليون دولار معونة تعليمية لإرسال كتب أخرى جديدة ومسح الكتب القديمة، وأمام موظفي اليونيسيف في أفغانستان نصف مليون كتاب يدرس العنف والإرهاب تحت اسم الجهاد الإسلامي، وأمامها أيضا ميزانية قدرها 200000 دولار أمريكي لنسف هذه الكتب وتدميرها تماما لتختفي من الوجود، ومئات الموظفين من النساء والرجال في اليونيسيف مشغولون اليوم بمسح الصور في الكتب التي تصور البنادق يحملها المجاهدون الأفغان، والكلاشنكوفات، تستبدلها بصور الزهور والبرتقال وحمامات السلام.
لي صديقة تعمل في مكتب اليونيسيف في نيويورك عادت مؤخرا من أفغانستان، وراحت تحكي ما يحدث اليوم في أفغانستان المحررة بأيدي الأمريكان والتحالف الشمالي، تطرق صديقتي برأسها وتقول: «أشعر بالخزي والعار يا نوال، وسوف أنشر هذه الحقائق رغم أن النشر قد يحرمني من وظيفتي التي أعيش منها، إلا أن ضميري يعذبني.»
وأمشي في شهر مارس في شوارع نيويورك فوق الثلوج البيضاء أنشد رؤية شيء من الفن العميق؛ يروح عني ألم الغربة والبعد عن الأهل والوطن.
نيويورك، مارس 2002
إبليس في أرض الخوف
(1) قبل أن أرى الفيلم
وأنا لست ممن يحكمون على الأعمال الإبداعية بالجوائز في المهرجانات أو تكريم الدول، إن أعظم المبدعين والمبدعات في التاريخ البشري ماتوا دون أن يطرف جفن العلم ودون أن يمشي في جنازاتهم أحد، وبعضهم مات في السجون أو المنفى أو أقدم على الانتحار.
مع ذلك قررت أن أرى هذين الفيلمين، فأنا أعيش حالة من البحث المرهق عن عمل فني جيد أطرد به القبح والأعمال الهابطة، لقد سافرت غربا وشرقا وشمالا وجنوبا، وفي كل بلد أبحث عن فيلم جيد دون جدوى، ماذا حدث للعالم؟ كيف تطغى الأفلام الأمريكية على سطح الشاشة الكبيرة والصغيرة بهذا الإسهال المريض؟ حتى مدينة باريس التي كانت تزهو باستقلالها الفني أصبحت أفلامها أمريكية أبطالها رعاة البقر، ومدينة لندن الأكثر رصانة غرقت أسواقها بأفلام بطلاتها العاريات يمسكن المسدسات، ومدينة القاهرة أصبحت كأنما هي مدينة أخرى لا أكاد أعرفها تغطي جدرانها الأفلام الأمريكية أو المصرية، لا أكاد أعرف هذه من تلك، فالكل يدور حول قصص غارقة في الخيال، أو في دخان المخدرات، وبطلات لا هم لهن إلا الرجال، ورجال لا هم لهن إلا النساء! أتكون هذه هي حياة الملايين من الرجال أو النساء أمثالي أنا؟
ناپیژندل شوی مخ