فما كل قيل قيل علم وحكمة ... وما كل أفراد الحديد حسام
وللدهر ثارات تمر على الفتى ... نعيم وبؤس صحة وسقام
ومن يك في الدنيا فلا يعتبنها ... فليس عليها معتب وملام
أجدك ما الدنيا وماذا متاعها ... وماذا الذي تبغيه فهو حطام
تشكل فيها كل شيء بشكل ما ... يعانده والناس عنه نيام
ترى النقص في زي الكمال كأنما ... على رأس ربات الحجال عمام
فدعها وما فيها هنيئًا لأهلها ... ولا تك فيها رغبة وسوام
يعاف العرانين السماط على الخوى ... إذا ما تصدى للطعام طغام
على أنه لا يستطاع منالها ... لما ليس فيها عروة وعصام
ولو أنت تسعى إثرها ألف حجة ... وقد جاوز الطيبين منك حرام
رجعت وقد ضلت مساعيك كلها ... بخفي حنين لا تزال تلام
هب أن مقاليد الأمور ملكتها ... ودانت لك الدنيا وأنت همام
ومتعت باللذات دهرًا بغبطة ... أليس بحتم بعد ذاك حمام؟ فبين البرايا والخلود تباين ... وبين المنايا والنفوس لزام
قضية إنقاد الأنام لحكمها ... وما حاد عنها سيد وغلام
ضرورية تقضي العقول بصدقها ... سل إن كان فيها مرية وخصام
سل الأرض عن حال الملوك التي خلت ... لهم فوق فرق الفرقدين مقام
بأبوابهم للوافدين تراكم ... بأعتابهم للعاكفين زحام
تحبك عن أسرار الشؤون التي جرت ... عليهم جوابًا ليس فيه كلام
بأن المنايا أقصدتهم تبابها ... وما طاش عن مرمى لهن سهام
وسيقوا مساق الغابرين إلى الردى ... وأقفر منهم منزل ومقام
وحلوا محلًا غير ما يعبدونه ... فليس لهم حتى القيام قيام
ألم بهم ريب المنون فغالهم ... فهم تحت أطباق الرغام رغام
1 / 23